للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«الباب إذا لَمْ تجمع طرقه لَمْ يتبين خطؤه» (١).

ثُمَّ إنّ لجمع الطرق فائدة أخرى؛ فيستفاد تفسير النصوص لبعضها، إِذْ إنّ بعض الرُّوَاة قَدْ يحدث عَلَى المعنى، أو يروي جزءاً من الْحَدِيْث، وتأتي البقية في سند آخر؛ لذا قَالَ الإمام أحمد بن حَنْبَل: «الْحَدِيْث إذا لَمْ تجمع طرقه لَمْ تفهمه، والحديث يفسر بعضه بعضاً» (٢). والتفسير هنا لا يقيد بالمتن فقط، وإنَّما يسري إلى الإسناد، فربما فسر بوساطة التكرار راو مبهم، أو كشف تدليس مدلس، والفوائد في هذا الباب جمة التحصيل.

وَقَالَ الحافظ أبو زرعة العراقي (٣): «الْحَدِيْث إذا جمعت طرقه تبين المراد مِنْهُ، وليس لنا أن نتمسك برواية ونترك بقية الروايات» (٤).

ويعرف - أَيْضاً - بجمع الطرق: الْحَدِيْث الغريب متناً وإسناداً، وَهُوَ الَّذِيْ تفرد بِهِ الصَّحَابِيّ أَوْ تفرد بِهِ راوٍ دون الصَّحَابِيّ، ومن ثَمَّ يعرف هل المتفرد عدل أو مجروح، فتكرار الأسانيد لَمْ يَكُنْ عبثاً وإنما لَهُ مقاصد وغايات يعلمها المشتغلون بهذه الصنعة. قَالَ الإمام مُسْلِم في ديباجة كتابه " الجامع الصَّحِيْح ": «إنا نعمد إلى جملة ما أسند من الأخبار عن رَسُوْل الله فنقسمها عَلَى ثلاثة أقسام وثلاث طبقات من الناس عَلَى غَيْر تكرار، إلا أنْ


(١) " الجامع لأخلاق الرَّاوِي " (١٦٥٢)، و" معرفة أنواع علم الْحَدِيْث ": ١٨٨ بتحقيقي، و" شرح التبصرة والتذكرة " ١/ ٢٧٥ بتحقيقي.
(٢) " الجامع لأخلاق الرَّاوِي " (١٦٥١).
(٣) هُوَ الإمام العلامة الحافظ ولي الدين أبو زرعة أحمد بن عَبْد الرحيم بن الحسين العراقي الأصل المصري الشَّافِعِيّ ولد سنة (٧٦٢ هــ)، وبكّر بِهِ والده بالسماع فأدرك العوالي، وانتفع بأبيه جداً، ودرّس في حياته، توفي سنة (٨٢٦ هـ (، من تصانيفه: "الإطراف بأوهام الأطراف" و "تكملة طرح التثريب" و " تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل" وغيرها.
انظر: "طبقات الشافعية" لابن قاضي شهبة ٤/ ٨٠، و"لحظ الألحاظ": ٢٨٤، و"الضوء اللامع " ١/ ٣٣٦، و" حسن المحاضرة " ١/ ٣٦٣، ومقدمتنا لكتاب " شرح التبصرة والتذكرة " ١/ ٣٤.
(٤) " طرح التثريب " ٧/ ١٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>