سليمان، فقال: ما حدثكم؟ فقلت: حدثنا عن خصيف، عن زياد بن أبي مريم، عن عبد الله بن معقل، عن عبد الله بن مسعود، عن النَّبيِّ ﷺ أنَّه قال:«الندم توبة» فقال أبي: هذا هو زياد بن الجراح، وهو عم جدتك، وكان رجلاً من أهل الحجاز من موالي عثمان، وكان زياد بن أبي مريم رجلاً من أهل الكوفة، قدم حَران فنزلها، وكان يتوكل لزياد بن الجراح، ثم قال: حدثني أبي عونُ ابنُ حبيب، عن زياد بن الجراح، عن ابن معقل، عن ابن مسعود، عن النَّبيِّ ﷺ وذكر حديث:«الندم توبة»(١).
إلا أنَّ العلامة أحمد شاكر رجح الرواية التي فيها زياد بن أبي مريم، إذ قال في تعليقه على " مسند الإمام أحمد " ١/ ٣٧٦: «والراجح أنَّه عن زياد ابن أبي مريم؛ لأنَّ رواة ذلك أكثر وأحفظ … ومع كل هذا فلو حفظت رواية من رواه عن زياد بن الجراح لكان صحيحاً أيضاً؛ لأنَّ زياد بن الجراح ثقة».
وللمعلمي رأيٌ آخر في هذا الاختلاف إذ قال في هامش " الموضح " ١/ ٢٥١: «ويظهر لي أن الحديث سمعه عبد الكريم من كلا الرجلين زياد بن أبي مريم وزياد بن الجراح مولى عثمان، فحدّث به في الجزيرة، عن ابن الجراح؛ لأنَّه أشهر عندهم وأنبه وله عقب عندهم، وكذلك بالحجاز؛ لأنَّ مولى عثمان حجازي، ولذلك قال: زياد مولى عثمان، وحدَّث به في الكوفة، عن زياد بن أبي مريم؛ لأنَّه كوفيٌّ معروف عندهم، ويشهد لهذا رواية خصيف، عن زياد بن أبي مريم، وعلى هذا فأحسب أنَّ الحديث في الأصل لزياد بن أبي مريم؛ لأنَّه كوفيٌّ كابن معقل، فأما ابن الجراح فكأنَّه إنما سمعه من ابن أبي مريم ولكنَّه استنكف أنْ يصرح بروايته عنه، لأنَّه صار من أتباعه فكان ابن الجراح يرسله، عن ابن معقل … ».
في حين ذهب بعض العلماء إلى القول بأنَّ زياد بن أبي مريم هو نفسه زياد ابن الجراح، إذ قال يحيى بن معين فيما نقله عنه الخطيب في " الموضح "
(١) أخرجه: الخطيب في " الموضح " ١/ ٢٤٤، والمزي في " تهذيب الكمال " ٣/ ٥٨ (٢٠٥٣).