للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فليس حكمه حكم التعليق عن شيوخ شيوخه ومن فوقهم، بل حكمه حكم الإسناد المعنعن، وحكمه الاتصال، بشرط ثبوت اللقاء والسلامة من التدليس، واللقاء في شيوخه معروف، والبخاري سالم من التدليس فله حكم الاتصال" (١).

وقد تبين مما ذكرناه: أنَّ أكثر المعلقات عند البخاري بصيغة الجزم صحيحة إلى من علق عنه.

وقد خالف ذلك بعض العلماء - منهم: ابن حزم - فلم يجعلوا لمعلقات الصحيح مزية على غيرها، سواء كان بصيغة الجزم أو بصيغة التمريض، وإنما جعلوا لها حكم غيرها من المنقطعات.

وقد استشكل العراقي: بأنَّ البخاري قد يوجد في صحيحه أحاديث يرويها عن بعض شيوخه، قائلًا: قال فلان، ويوردها في موضع آخر بوساطة بينه وبين ذلك الشيخ (٢).

وقد أجاب الحافظ ابن حجر عن هذا ذاكرًا عدة صور لما قال فيه البخاري: "قال فلان"، فقال - أعني: ابن حجر -: "الذي يورده البخاري من ذلك على أنحاء، منها: ما يصرح فيه بالسماع عن ذلك الشيخ بعينه، إما في نفس الصحيح، وإما خارجه، والسبب في الأول: إما أن يكون أعاده في عدة أبواب - وضاق عليه مخرجه - فتصرَّف فيه حتى لا يعيده على صورة واحدة في مكانين، وفي الثاني: أن لا يكون على شرطه إما لقصور في بعض رواته، وإما لكونه موقوفًا، ومنها ما يورده بواسطة عن ذلك الشيخ، والسبب فيه كالأول، لكنه في غالب هذا لا يكون مكثرًا عن ذلك الشيخ، ومنها ما لا يورده في مكان آخر من الصحيح … فهذا مما أشكل أمره عليّ، والذي يظهر لي الآن أنه لقصور في سياقه. . ."، ثم قال: وقد تقرر عند الحفاظ أنَّ الذي يأتي به البخاري من التعاليق كلها بصيغة الجزم يكون صحيحًا إلى من علقه عنه، ولو


(١) " شرح التبصرة والتذكرة " ١/ ١٤٣ بتحقيقي، وانظر:" معرفة أنواع علم الحديث ": ٩٢ - ٩٦ بتحقيقي.
(٢) انظر: " التقييد و الإيضاح ":٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>