للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الربيع (١)، عن عتبان بن مالك، قال: أتيتُ النَّبيَ فقلتُ: إنِّي قد أنكرتُ بصري، وإنَّ السيولَ تحولُ بيني وبينَ مسجدِ قوْمي، ولوَدِدْتُ أنَّك جئتَ فصلَّيْتَ في بيتي مكانًا أَتخذهُ مسجدًا، فقالَ النَّبيُ : "أفعلُ إنْ شاء الله" قال: فمرَّ النَّبيُ على أبي بكر فاستتبعهُ، فانطلقَ معَهُ، فاستأذنَ فدخلَ، فقالَ وهو قائمٌ: "أين تريد أنْ أصلِّي؟ " فأشرتُ له حيث أريد، قالَ: ثمَّ حبسْناهُ على خزيرة (٢) صنعناها لهُ، فسمعَ به أهلُ الوادي - يعني: أهلَ الدار - فثابوا إليه حَتَّى امتلأ البيتُ، فقالَ رجلٌ: أينَ مالكُ بن الدُخْشُن أو ابن الدُخَيْشن؟ فقالَ رجلٌ: إنَّ ذلك الرجلَ لمنافقٌ لا يحبُّ اللهَ ولا رسولَهُ، فقال النَّبيُ : "لا تقوله، وهو يقولُ: لا إله إلا الله، يبتغي بذلكَ وجهَ اللهِ" فقالوا: يا رسول اللهِ، أمَّا نحنُ فنرى وجهَهُ وحديثهُ في المنافقينَ، فقال النَّبيُ أيضًا: "لا تقوله وهو يقول: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجهَ الله"، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "فلنْ يوافي عبدٌ يومَ القيامةِ يقولُ: لا إله إلا الله، يَبتغي بذلك وجهَ اللهِ إلا حُرمَ على النارِ"، قال محمود: فحدثت بهذا الحديث نفرًا فيهم أبو أيوب الأنصاري، فقال: ما أظنُّ رسول الله قال ما قلتَ، قال: فآليتُ إنْ رجعتُ إلى عتبان بن مالك أنْ أسألهُ، فرجعتُ إليه فوجدتُهُ شيخًا كبيرًا قد ذهب بصرُهُ، وهو إمام قومه، فجلستُ إلى جنبه، فسألتهُ عن هذا الحديث فحدثنيه كما حدثنيه أول مرَّةٍ. قال معمر: فكانَ الزهريُ إذا حدَّث بهذا الحديث، قال: ثمَّ نزلتْ بعدُ فرائضُ وأمور، نرى أنَّ الأمر انتهى إليها، فمنِ استطاع أنَّ لا يغترّ فلا يغتَرَّ (٣).

وانظر: "تحفة الأشراف" ٦/ ٥١٤ - ٥١٦ (٩٧٥٠)، و"إتحاف المهرة" ١/ ٥٠٣ (٥٦٦) و ١٠/ ٦٧١ - ٦٧٢ (١٣٥٨١) و ١٠/ ٦٧٣ (١٣٥٨٢) و (١٣٥٨٣) و ١٠/ ٦٧٤ (١٣٥٨٤)، و" أطراف المسند " ٤/ ٢٨٥ (٥٩١٠) و (٥٩١٢).


(١) في رواية مالك برواية الليثي: "محمود بن لبيد".
(٢) نوع من الطعام كان يصنع في ذاك الزمان، وهو لحم يقطع صغارًا على ماءٍ فإذا نضج ذر عليه الدقيق. انظر " النهاية " مادة (خزر).
(٣) لفظ عبد الرزاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>