معروف، فذكر بعض الناس أنَّ هذا الحديث قد فسد إسنادهُ بذلك، ولم يكن ذلك عندنا كما ذكر؛ لأنَّ فطر بن خليفة عند أهل العلم بالحديث حجة، وسعد أبو غيلان فليس بمعروف، ولا يصلح أن يُعارض فطر في روايته بمثله، وإذا كان ذلك كذلك سقط ما روى سعد هذا الحديث به، وثبت ما رواه فطر به".
قلت: أما ما ذهب إليه الطحاوي فيجاب عنه: بأنَّ العبرة ليست في الراوي عن كثير، حتى يتم ترجيح روايات بعضهم على بعض، ولكنّ العبرة في ضعف كثير نفسه - كما سيأتي في ترجمته - من جهة، ولاضطرابه في هذا الحديث من جهة أخرى، فإن كان فطر فوق سعد في ميزان التوثيق، فكيف بسفيان بن عيينة، وهل من المعقول أنْ نعل الحديث بسوء حفظ سفيان مثلًا حتَّى يسلمَ لنا حفظ كثير وأمثاله؟ هذا إنْ صح فإنَّه سيفسد نصف قواعد علوم الحديث، إذن الأولى أنْ يحمل الوهم على كثير.
ولقائل أنْ يقول: اختلاف هذه الأسانيد وعدم تشابهها يثير في النفس أنَّ كثيرًا سمعه من كلِّ شيوخه - في هذا الحديث - كل بإسناده.
فنقول: نعم، هكذا يتأول له فيما لو كان الراوي ثقةٌ حافظًا كسفيان وشعبة وأمثالهم، وأما الراوي الضعيف فلا يحكم له إلا باضطرابه فيه، وكثير ضعيف عند أهل الحديث، فقد قال عنه أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في " الجرح والتعديل " ٧/ ٢١٦ (٨٩٥): "ضعيف الحديث"، وقال عنه النَّسائيُ في "الضعفاء والمتروكون" (٥٠٧): "ضعيف"، ونقل ابن عدي في " الكامل " ٧/ ٢٠٣ عن السعدي أنَّه قال فيه: "متروك"، وقال ابن عديٍ: "وكان كثير النواء غاليًا في التشيع مفرطًا فيه".
وعلى ما قدمنا من اضطرابه في سند هذا الحديث وضعف حاله، فإنَّه اختُلف عليه من جهة أخرى في رفعه ووقفه، فقد روي عنه مرفوعًا كما تقدم. وروي عنه موقوفًا على علي ﵁.
فأخرجه: الخطيب في " تاريخ بغداد " ١٢/ ٤٨٤ وفي ط. الغرب ١٤/ ٥١١،