رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ على السورة لا الآية مما تستبعده القريحة وتمجّه الأفهام الصحيحة .. وأيضاً لو أريد الافتتاح " بسورة الحمد " لقيل: كانوا يفتتحون القراءة بأم القرآن أو بفاتحة الكتاب أو بسورة الحمد، هذا هو المعروف في تسميتها عندهم، وأما تسميتها بـ ﴿الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ فلم ينقل عن النَّبيِّ ﷺ، ولا عن الصحابة، والتابعين، ولا عن أحد يحتج بقوله، وأما تسميتها " بالحمد " فقط فعُرِف متأخراً (١)، يقولون: فلان قرأ " الحمد "، وأين هذا من قوله: فكانوا يستفتحون القراءة بـ ﴿الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾؟! فإنَّ هذا لا يجوز أنْ يراد به السورة، إلا بدليل صحيح وأنّى للمخالف ذلك».
فالصحيح - والله أعلم - أنَّ ذكر نفي الجهر بالبسملة خطأ، وأنَّ الرواية جاءت لبيان أنَّ النَّبيَّ ﷺ وخلفاءه الراشدين كانوا يستفتحون بسورة الفاتحة، على أنّا نرجّح عدم الجهر بالبسملة، وأنَّ الإمام يُسمع بها نفسه.
وانظر:" جامع المسانيد " ٢٣/ ٢٧ (٢٢٠٣) و (٢٢٠٤) و (٢٢٠٥) و ٢٣/ ٦٤ (٢٢٨٩) و (٢٢٩٠) و ٢٣/ ١٢٨ - ١٢٩ (٢٤٦٨) و (٢٤٧٠) و (٢٤٧١) و (٢٤٧٢) و ٢٣/ ١٨٠ (٢٦١٥) و ٢٣/ ٢٧٧ (٢٨٥٦) و ٢٣/ ٢٣١ (٢٧٣٩) و (٢٧٤٠) و (٢٧٤١)، و"إتحاف المهرة" ١/ ٥٣٧ (٦٦٩) و ١/ ٥٨٧ (٨١٦) و ١/ ٦٠٨ (٨٧٦) و ٢/ ١٨٥ (١٥١٨) و ٢/ ١٨٩ (١٥٢١)، و"أطراف المسند" ١/ ٤٥٨ (٧٨٢).
وقد ألّف في الجهر بالبسملة عددٌ من العلماء، منهم: ابن عقدة أحمد بن محمد بن سعيد المتوفى سنة (٣٣٢ هـ) كما ذكر الذهبي في " السير " ١٥/ ٣٥٢، وكذا ألّف الخطيب البغدادي كتابه "الجهر بالبسملة" في جزأين كما في "السير" ١٨/ ٢٩١، وقال ابن عبد الهادي كما في "نصب الراية" ١/ ٣٣٥: «وقد أفرد هذه المسألة بالتصنيف جماعة، منهم: ابن خزيمة،
(١) هذا الكلام فيه نظر، فقد قال عبد الرحمان بن مهدي: «كان إسرائيل يحفظ حديث أبي إسحاق كما تحفظ الحمد» انظر: " المستدرك " ٢/ ١٧٠.