للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابن حبان، والدارقطني (١)، والبيهقي، وابن عبد البر، وآخرون».

ومما اضطرب راويه فيه سنداً ومتناً ما روى ابن شهاب، قالَ: أخبرني ابن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمان وأبو بكر بن عبد الرحمان وعبيد الله بن عبد الله (٢): أنَّ أبا هريرة قال: صلَّى رسولُ الله صلاةَ الظُّهر أو العصر فسلَّمَ في ركعتين مِنْ إحداهُما، فقالَ لهُ ذو الشِّمالين ابنُ عبد عمرو بن نضْلة الخُزاعيُّ وهو حليفُ بني زهرةَ: أقُصرتْ أمْ نسيتَ يا رسول الله؟ قالَ رسولُ الله : «لم أنسَ، ولم تُقْصرْ» فقال ذو الشِّمالين: قد كانَ بعضُ ذلك يا رسولَ الله، فأقبلَ رسولُ الله على


(١) قال الزيلعي في " نصب الراية " ١/ ٣٥٩: «وقد حكى لنا مشايخنا أنَّ الدارقطني لما ورد مصر سأله بعض أهلها تصنيف شيء في الجهر، فصنف فيه جزءاً، فأتاه بعض المالكية، فأقسم عليه أن يخبره بالصحيح من ذلك، فقال: كل ما روي عن النبي في الجهر فليس بصحيحٍ، وأما عن الصحابة: فمنه صحيح وضعيف».
(٢) المتتبع لطرق حديث الزهري سيجد أنَّ الزهري تارة يذكر أربعة من شيوخه وتارة ثلاثة وتارة اثنين وتارة يفرد أحدهم به، فهذا الأمر لا يعد اضطراباً منه، بل إنه سمع الحديث من أربعتهم وحينما يسوق الحديث يفرد أو يقرن بعضهم ببعض، قال ابن عبد البر في "التمهيد" ٣/ ٢٣٣: «كان ابن شهاب أكثر الناس بحثاً على هذا الشأن فكان ربما اجتمع له في الحديث جماعة فحدَّث به مرةً عنهم، ومرة عن أحدهم، ومرة عن بعضهم على قدر نشاطه في حين حديثه، وربما أدخل حديث بعضهم في حديث بعض كما صنع في حديث الإفك وغيره، وربما لحقه الكسل فلم يسنده، وربما انشرح فوصل وأسند، على حسب ما تأتي به المذاكرة؛ فلهذا اختلف أصحابه عليه اختلافاً كبيراً في أحاديثه، ويبين لك ما قلنا: روايته لحديث ذي اليدين رواه عنه جماعة فمرةً يذكر فيه واحداً، ومرة اثنين ومرة جماعة غيرها، ومرة يصل ومرة يقطع. . .». وقال ابن رجب في "شرح العلل" ٢/ ٨١٦ ط. همام: «إنَّ الرجل إذا جمع بين حديث جماعة، وساق الحديث سياقة واحدة فالظاهر أنَّ لفظهم لم يتفق فلا يقبل هذا الجمع إلا من حافظ متقن لحديثه، يعرف اتفاق شيوخه واختلافهم كما كان الزهري يجمع بين شيوخ له في حديث الإفك وغيره. وكان الجمع بين الشيوخ ينكر على الواقدي وغيره ممن لا يضبط هذا كما أنكر على ابن إسحاق وغيره. وقد أنكر شعبة أيضاً على عوف الأعرابي».

<<  <  ج: ص:  >  >>