للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذا الشمالين مقتول يوم بدر؛ لأنَّ ابن إسحاق وغيره من أهل السير ذكروه فيمن قتل يوم بدر … ».

قلت: تبين الآن أنَّ ذا الشمالين غير ذي اليدين وأنَّهما شخصيتان مختلفتان. وأما ذكر ذي الشمالين فللعلماء فيه أقوال: فقال ابن عبد البر في "التمهيد" ١/ ٢٥٨ - ٢٥٩: «وأما قول الزهري في هذا الحديث إنَّه ذو الشمالين فلم يتابع عليه وحمله الزهري على أنَّه المقتول يوم بدر … »، في حين قال العلائي في "نظم الفرائد": ٢٠٩ - ٢١٦ (بتصرف): «فأما رواية الزهري الحديث وتسميته فيه ذا الشمالين بن عبد عمرو، فللعلماء في ذلك طريقان: أحدهما: تغليط الزهري في ذلك؛ لأنَّه اضطرب في هذا الحديث كثيراً، الطريق الثاني: الجمع بين هذه الروايات كلها يجعلها واقعتين أحديهما: قبل بدر والمتكلم فيها ذو الشمالين، ولم يشهدها أبو هريرة بل أرسل روايتها. والثانية: كان حاضراً فيها والمتكلم يومئذ ذو اليدين»، وقال البيهقي ٢/ ٣٦٧: «وشيخا الصحيحين البخاري ومسلم لم يصححا شيئاً من تلك الروايات - يعني: التي فيها ذكر ذي الشمالين - لما فيها من هذا الوهم الظاهر، وكان شيخنا أبو عبد الله الحافظ ، يقول: كل من قال ذلك فقد أخطأ، فإن ذا الشمالين تقدم موته ولم يعقب وليس له راوٍ».

وقد وهم الزهري في موضع آخر من هذا الحديث.

فأخرجه: النسائي ٣/ ٢٥ وفي "الكبرى"، له (٥٦٨) ط. العلمية و (٥٧٢) ط. الرسالة من طريق عقيل - وهو ابن خالد بن عقيل الأيلي-.

وأخرجه: ابن خزيمة (١٠٤٥) بتحقيقي من طريق الليث.

كلاهما: (عقيل، والليث) عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة وأبي بكر بن عبد الرحمان وابن أبي حثمة، عن أبي هريرة: أنَّ رسولَ الله لم يسجد يوم ذي اليدين (١).

فهذه الرواية وهم بالكامل من حيث إنَّ هذا المتن معلول بالمخالفة،


(١) لفظ رواية النسائي: لم يسجد رسول الله يومئذ قبل السلام ولا بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>