للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لثبوت سجود رسول الله يومئذ كما سيأتي، قال ابن خزيمة قبيل (١٠٥٢): «وقد تواترت الأخبار عن أبي هريرة من الطرق التي لا يدفعها عالم بالأخبار: أنَّ النبي سجد سجدتي السهو يوم ذي اليدين»، كما أنَّ متن هذا الحديث إنَّما هو من كلام الزهري، وقد اختصره اختصاراً مخلاً لدرجة أذهبت معناه. وقد ذهبَ ابن خزيمة إلى حمل الوهم في هذه الرواية على أبي صالح - الراوي عن الليث - فقال قبيل (١٠٥٢): «فإنَّه سها في الخبر وأوهم الخطأ في روايته فذكر آخر الكلام الذي هو من قول الزهري مجرداً عن أبي هريرة: أن رسول الله لم يسجد يوم ذي اليدين، ولم يحفظ القصة بتمامها والليث في خبره عن يونس قد ذكر القصة بتمامها، وأعلم أنَّ الزهري: إنَّما قال: لم يسجد النبي يومئذ أنَّه لم يحدثه أحدٌ منهم أنَّ النبي سجد يومئذ، لا أنَّهم حدثوه عن أبي هريرة: أنَّ النبي لم يسجدْ يومئذٍ».

قلت: فأما حملُ الوهم على الليث فمدفوع بمتابعة عقيل.

ومما يدل على كون الوهم من الزهري لا من غيره أنَّ بعض العلماء قد حملوا الوهم على الزهري، فقال مسلم في "التمييز" عقب (٤٥): «وخبر ابن شهاب هذا في قصة ذي اليدين وهمٌ غير محفوظ؛ لتظاهر الأخبار الصحاح عن رسول الله في هذا»، وقال قبيل (٤٨) بعد أنْ خرّج عدداً من الروايات: «فقد صح بهذه الروايات المشهورة المستفيضة في سجود رسول الله يوم ذي اليدين أنَّ الزهري واهم في روايته إذ نفى ذلك في خبره من فعل رسول الله »، ونقل عنه ابن عبد البر في "التمهيد" ١/ ٢٥٩ - ٢٦٠: «قول ابن شهاب إنَّ رسول الله لم يسجد يوم ذي اليدين سجدتي السهو خطأ وغلط، وقد ثبت عن النبي أنَّه سجد سجدتي السهو ذلك اليوم، من أحاديث الثقات ابن سيرين وغيره».

وقد روي هذا الحديث مضطرباً من طرق أخرى عن الزهري إلا أنَّ الحمل فيها ليس على عاتقه.

فأخرجه: أبو داود (١٠١٢)، وابن خزيمة (١٠٤٠) (م) بتحقيقي من طريق محمد بن كثير، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب

<<  <  ج: ص:  >  >>