(٢) حينما نقلت قول ابن المنذر هنا ليس لأني أوافقه فيما ذهب إليه من أنَّ الحديث إذا اختلف في وصله وإرساله يرجح الوصل، لكن أردت بيان رأي ابن المنذر في هذا الحديث. أما من حيث المسألة فالترجيح في مثل هذا لا يندرج تحت قاعدة كلية، إذ يختلف الحال بحسب المرجحات والقرائن، فتارة ترجح الرواية المرسلة وتارة ترجح الرواية الموصولة. وهذه المرجحات كثيرة يعرفها من اشتغل بالحديث دراية ورواية، وأكثر التصحيح والإعلال، وحفظ جملة كثيرة من الأحاديث، وتمكن في علم الرجال وعرف دقائق هذا الفن وخفاياه حتّى صار الحديث أمراً ملازماً له مختلطاً بدمه ولحمه. ومن المرجحات: مزيد الحفظ، وكثرة العدد، وطول الملازمة للشيخ. وقد يختلف جهابذة الحديث في الحكم على حديث من الأحاديث، فمنهم من يرجح الرواية المرسلة، ومنهم من يرجح الرواية الموصولة، ومنهم من يتوقف.