للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وقد كان ابن عيينة ربما يجعله رواية (١)»، وقال أيضاً بعد أنْ ساق الحديث عن أبي هريرة رواية: «وليس هذا مما يوهن الحديث؛ فإنَّ الحميدي هو الحكم في حديثه - أي عن ابن عيينة - لمعرفته به وكثرة ملازمته له (٢) وقد كان ابن عيينة يقول: نرى هذا العالم مالك بن أنس».

قال الذهبي: «هذا حديث نظيف الإسناد، غريب المتن».

قلت: إلا أنَّ الإسناد بهذا الوجه فيه ابن جريج وأبو الزبير، وكلاهما مدلس (٣)، وقد ذكرا الحديث بصيغة محتملة في جميع الروايات خلا رواية الطحاوي من طريق هارون بن معروف، إذ صرّح فيها ابن جريج بالسماع، إلا أنَّ هذا الطريق لا يُفرَحُ به؛ لأنَّ شيخ الطحاوي فيه هو أبو أيوب عبيد الله ابن عبيد بن عمران الطبراني المعروف بابن خلف، وهذا الشيخ اضطربت تسميته عند الطحاوي فسماه هنا عبيد الله بن عبيد وسماه في " شرح معاني الآثار " ٢/ ٢٣٥ عبد الله بن أيوب. والذي ترجح عندي الأول، فقد روى عنه الطحاوي في " شرح مشكل الآثار " (٦) أحاديث (٤) وله في هذه الأحاديث خمسة شيوخ، وروى عنه غير الطحاوي: الوليد بن حماد (٥) و في تخريج الطحاوي له تقوية


(١) ويعني بعبارة: «رواية» أن الحديث مرفوع للنبي ، وقد حصل لدي استشكال؛ لأن الحاكم ساق الرواية مرفوعة ثم قال هذا الكلام، ثم ساقها مرفوعة أيضاً؛ ووجه الاستشكال أنه أتى
بـ «ربما» التي تفيد التقليل. ويستفاد من النص أنَّه ينبغي له أن يأتي به موقوفاً، ثم يردفه بالمرفوع، فالله أعلم، ولعل الخطأ من نسخ الكتاب القديمة؛ إذ إني لما رجعت إلى مختصر استدراك الحافظ الذهبي لمستدرك الحاكم ١/ ٨٤ (١٧) لم أنتفع بشيء، وكذلك في " إتحاف المهرة " ١٤/ ٥٧٢ (١٨٢٥٢).
(٢) هكذا قال الحاكم على أن عبد الرحمان بن مهدي جعل علي بن المديني أعلم الناس بحديث سفيان بن عيينة، انظر: " تاريخ بغداد " ١١/ ٤٥٨ وفي ط. الغرب ١٣/ ٤٢٤.
(٣) قال ابن حزم في " الإحكام " ٦/ ٢٨٤ في نقده لهذا الحديث: « .. على أن في سنده أبا الزبير، وهو مدلس ما لم يقل: (حدثنا) أو (أخبرنا)» وقد تحرف في المطبوع إلى: «أبو الزبير».
(٤) انظر: (١٩٩) و (١٤٥١) و (٢١٤٧) و (٢١٤٨) و (٢٣٨٤) و (٣٣٨٢).
(٥) " تاريخ دمشق " ٦٢/ ١٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>