للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث آخر، وذلك أنّّ الإسناد أعلاه إنَّما يروى به حديث: مرَّ رسولُ الله بشاة ميتة، فقال: «ألا استمتعتُم بجلدِها؟» قالوا: يا رسولَ الله، إنَّها ميتةٌ، قال: «إنَّما حرمَ أكلُها» (١).

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى رد حديث القرقساني، فقال الإمام أحمد فيما نقله عنه الخلاّل في "علله " كما في المنتخب (٤): «هو عندي خطأ»، وقال أبو حاتم وأبو زرعة فيما نقله عنهما ابن أبي حاتم في "العلل" (١٨٩٧): «هذا خطأ، إنَّما هو: أنَّ النبي مر بشاةٍ ميتة، فقال: «ما على أهلِ هذه لو انتفعوا بإهابها». فقلتُ لهما: «الوهم ممنْ هو؟» قالا: «مِنَ القرقساني»، وقال ابن حبان في "المجروحين" ٢/ ٢٨٩: «وهذا المتن بهذا الإسناد باطلٌ، إنَّما الناس رووا هذا الخبر عن عبيد الله، عن ابن عباس: أنَّ النبيَّ مر بميتة، فقال: «هلا استمتعتم بإهابها؟» قالوا: إنَّها ميتةٌ، قال: «إنَّما حرمَ أكلُها»»، وقال أبو نعيم في "الحلية" ١/ ١٨٩: «غريب من حديث الأوزاعي، عن الزهري».

ولقائل أنْ يقولَ: أليس من الممكن أنْ يكون القَرْقساني قد سمع هذين الحديثين بإسناد واحد؟ يعني: سمع حديث: «للدنيا» وحديث

: «الإهاب» من طريق الأوزاعي، عن الزهري بالإسناد الأول نفسه.

فنقول هذا يجاب عنه بأمرين:

الأول: إنَّ حديث: «الإهاب» رواه القَرْقَساني عند أحمد ١/ ٣٢٩، وابن الجوزي في "التحقيق" (٧٠) وقد توبع على روايته هذه.

تابعه هقل بن زياد (٢) عند أبي يعلى (٢٤١٩).

والوليد بن مسلم (٣) عند ابن حبان (١٢٨٢).

ثلاثتهم: (القَرْقَساني، وهقل، والوليد) عن الأوزاعي، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس .


(١) سيأتي تخريجه.
(٢) وهو: «ثقة» " التقريب " (٧٣١٤).
(٣) وهو: «ثقة» " التقريب " (٧٤٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>