للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«ومثال التصحيف في المتن: ما رواه ابن لهيعة، عن كتاب موسى بن عقبة إليه بإسناده، عن زيد بن ثابت: «أنَّ رسول الله احتجم في المسجد»، وإنما هو بالراء: «احتجر في المسجد بخص أو حصير، حجرة يصلي فيها». فصحفه ابن لهيعة؛ لكونه أخذه من كتاب بغير سماع، ذكر ذلك مسلم في كتاب " التمييز " له»، وقال العراقي في " ألفيته " (٧٧٥):

«وأطلقوا التصحيف فيما ظهرا … كقوله: «احتجم»

مكان «احتجرا»». وقال يوسف بن عبد الهادي في " جواب بعض الخدم لأهل النعم عن تصحيف حديث احتجم ": ٣٧: «وأما حديث ابن لهيعة هذا، فقد نص أئمة الحديث أنَّه مصحف وأنَّه من تصحيف المتون، وأنَّه من تصحيف مالا يشتبه (١) … »، وقال ابن رجب في " فتح الباري " ٦/ ٣٠٥: «وقوله: «احتجم» غلط فاحش، وإنما هو احتجر، أي: اتخذ حجرة».

قلت: مما تقدم يتبين أنَّ الوهم في هذا الحديث يدور على ثلاث نقاط:

الأولى: أنه صَحّف متنه فقال: «احتجم» والصواب احتجر كما سيأتي.

الثانية: أنه أسقط من السند سالماً أبا النضر، فقال: موسى بن عقبة، عن بسر بن سعيد، والصواب: موسى بن عقبة، عن سالم أبي النضر، عن بسر بن سعيد.

الثالثة: إن سبب الوهم أن ابن لهيعة روى هذا الحديث من كتاب موسى ابن عقبة من دون أن يعرضه عليه فوقع الوهم منه، والله أعلم.

انظر: " إتحاف المهرة " ٤/ ٦٠٨ (٤٧٣٠)، و " أطراف المسند " ٢/ ٣٨٤ (٢٤٤٢). والصواب في هذا الحديث ما رواه:

وهيب بن خالد (٢) عند أحمد ٥/ ١٨٢، وعبد بن حميد (٢٥٠)،


(١) وهذه إشارة لطيفة بأن ما يحصل فيه التصحيف، منه ما يشتبه فربما عذر من وقع فيه، ومنه مالا يشتبه فلا يعذر من وقع فيه، والفطنة من خير ما أوتيه الإنسان.
(٢) وهو: «ثقة ثبت لكنه تغير قليلاً بأخرة» " التقريب " (٧٤٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>