قال الترمذي عقبه:«وهذا حديث في إسناده اضطراب، ولا يصح عن النبيِّ ﷺ في هذا الباب كثير شيء».
قلت: قد تقدم أنَّ إقران الإسنادين أول دليل على إعلال الحديث من هذا الطريق؛ لأنَّهما لا يحتملان الإقران لاختلافهما، وقد تقدم الكلام عليهما، غير أنَّ زيداً - بسبب اضطرابه - زاد هذا الطريق إعلالاً، فرواه منقطعاً فأسقط من إسناد أبي عثمان جبيرَ بن نفير وعقبةَ بن عامر، وأسقط من إسناد أبي إدريس عقبةَ بن عامر، قال الترمذي عقب (٥٥): «حديث عمر قد خولف زيد بن الحباب في هذا الحديث، وروى عبد الله بن صالح وغيره عن معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس، عن عقبة بن عامر، عن عمر، وعن ربيعة، عن أبي عثمان، عن جبير بن نفير، عن عمر. وهذا حديث في إسناده اضطراب، ولا يصح عن النبيِّ ﷺ في هذا الباب كثير شيء، قال محمد: وأبو إدريس لم يسمع من عمر شيئاً».
قلت: والمتمعن في كلامه ﵀ سيجد ما يستوجب الوقوف عنده، فقوله:«وعن ربيعة، عن أبي عثمان، عن جبير بن نفير، عن عمر» هذا القول خالفه رواة هذا الطريق، فرواه عبد الله بن صالح - الذي اسْتَشْهَدَ به - وعبد الرحمان بن مهدي، وابن وهب، وأسد بن موسى كما تقدموا رووه عن معاوية، عن أبي عثمان ولم يذكر أحد منهم ربيعة بن يزيد بين معاوية وأبي عثمان، فضلاً عنْ إسقاطه عقبة من الإسناد؛ لأنَّ جبيراً إنَّما يرويه عن عقبة وليس عن عمر.
وأما علة متن حديث الترمذي فكما تقدم أنَّه قد جاء بزيادة:«اللهمَّ اجعَلْني منَ التوابينَ واجعلني من المتطهرينَ»، وهذه الزيادة لم تذكر إلا من هذا الطريق - يعني: طريق زيد - وعلى الرغم من أنَّ أربعة من الرواة رووا هذا الحديث غير زيد، فإنَّ أحداً منهم لم يذكرها، فترد لاضطراب من زادها (١).
(١) جاءت هذه الزيادة عن «ثوبان، وعلي بن أبي طالب، وعمر وأنس - مقرونين -» وعامة الأسانيد إليهم لا تصح.