للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذهب النووي في " شرح صحيح مسلم " ٢/ ١٠٣ وشيخه أبو علي إلى حمل الوهم في هذا الإسناد على الترمذي أو شيخه فقال: «وقد خرج أبو عيسى الترمذي في " مصنفه " هذا الحديث من طريق زيد بن الحباب عن شيخ له لم يقم إسناده عن زيد، وحمل أبو عيسى في ذلك على زيد بن الحباب، وزيد بريء من هذه العهدة، والوهم في ذلك من أبي عيسى أو من شيخه الذي حدَّثه به؛ لأنا قدمنا من رواية أئمة حفاظ عن زيد بن الحباب ما خالف ما ذكره أبو عيسى والحمد لله، وذكره أبو عيسى أيضاً في كتاب " العلل " (١) وسؤالاته محمد بن إسماعيل البخاري فلم يجوده، وأتى فيه عنه بقول يخالف ما ذكرنا عن الأئمة، ولعله لم يحفظه عنه … ».

قلت: إلا أنَّ الذي قدمنا يدل وبصورة واضحة على اضطراب شديد لزيد فيه، ثم إنَّ في قوله: «والوهم في ذلك من أبي عيسى أو من شيخه» هذا الكلام فيه نظر، فكما تقدم أنَّ الترمذي أعل هذا الحديث بالاضطراب، فكيف يعل الترمذي حديثاً بالاضطراب وبنفس الوقت يكون مضطرباً فيه؟! ثم إنَّ الروايات المضطربة التي قدمناها، والتي جاءت من غير طريق الترمذي أو شيخه كفيلة بدفع الحمل عن الترمذي.

مما تقدم يتبين أنَّ الحديث صحيح من غير طريق زيد بن الحباب، وأنَّ زيداً اضطرب فيه، فلا يعول على طريقه، والله أعلم.

وانظر: "تحفة الأشراف " ٦/ ٦٠٥ (٩٩١٤) و ٧/ ٢١٣ (١٠٤٨٠) و ٧/ ٢٧٤ (١٠٦٠٩)، و"إتحاف المهرة " ١١/ ١٨٣ (١٣٨٦٢)، و" أطراف المسند" ٤/ ٣٥٠ (٦٠٦٦) و ٥/ ٦٧ (٦٦٣٨)، و "المسند الجامع" ١٣/ ٥ (٩٨١٤) وما بعدها.

القسم الثاني:

أنْ يَكُوْن متن الْحَدِيْث عِنْدَ الرَّاوِي بإسناد، إلا طرفاً مِنْهُ، فإنَّه عنده بإسناد آخر، فيدرجه من رَوَاهُ عَنْهُ عَلَى الإسناد الأول ويسوق الْمَتْن


(١) لم نجده في "العلل الصغير"، ولا في " العلل الكبير " بل هو في " الجامع الكبير " (٥٥) للترمذي، أما ما نقله عن البخاري فيسيرٌ في هذا الحديث، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>