للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تميلُ الشمس بعدَ نصفِ النهار، فإذا أبردَ عنها في شدةِ الحرِ صلاها حينَ يكونُ فيء كلِّ شيءٍ مثله، ويصلي صلاةَ العصرِ حينَ يكونُ فيء كل شيءٍ مثله إلى أنْ يكونَ فيء مثليه، ويُصلي صلاةَ المغربِ حينَ يرى أول الليلِ ويحلُ فطَرُ الصائمِ، ويصلي العشاءَ حينَ يغيبُ غسقُ الليلِ إلى ثلثِ الليلِ الأول، ويصلي صلاةَ الفجرِ فيما بينَ أنْ يبينَ أولُ الفجرِ إلى أنْ يسفر، والإسفارُ آخرُ وقتها، وكانَ لا يكادُ يصليها كلَّ يومٍ إلا بغلسٍ».

قلت: فأين رواية أسامة من رواية غيره ممن سبقوه علماً وملازمة للزهري لا شك أنَّ هذا دليل على شذوذ روايته، بل على نكارتها إذا أخذنا بأقوال من ضعّفه (١)، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى رد حديث أسامة فقال أبو داود عقب (٣٩٢): «روى هذا الحديث عن الزهري: معمر، ومالك، وابن عيينة، وشعيب بن أبي حمزة، والليث بن سعد، وغيرهم لم يذكروا الوقت الذي صلى فيه، ولم يفسروه، وكذلك أيضاً روى هشام بن عروة (٢) وحبيب ابن أبي مرزوق عن عروة نحو رواية معمر وأصحابه إلا أنَّ حبيباً لم يذكر بشيراً»، وقال الدارقطني في " العلل " ٦/ ١٨٥ - ١٨٦: «ورواه أسامة ابن زيد، عن الزهري، وذكر فيه مواقيت الصلاة الخمس، وأدرجه في حديث أبي مسعود، وخالفه يونس وابن أخي الزهري فروياه عن الزهري، قال: بلغنا أنَّ رسول الله .. وذكر مواقيت الصلاة بغير إسناد فوق الزهري، وحديثهما أولى بالصواب؛ لأنهما فصلا ما بين حديث أبي مسعود وغيره» (٣).

وقال الخطيب في " الفصل للوصل " ٢/ ٦٥٥ ط. الهجرة: «وقد وهم أسامة بن زيد إذ ساق جميع هذا الحديث بهذا الإسناد؛ لأنَّ قصة المواقيت ليست من حديث أبي مسعود، وإنَّما كان الزهري يقول فيها: وبلغنا أنَّ


(١) انظر: " تهذيب الكمال " ١/ ١٦٩ - ١٧٠ (٣١١).
(٢) أخرجه: ابن عبد البر في " التمهيد " ٣/ ٣٥٨ مع اختلاف في متنه.
(٣) رواية ابن أخي الزهري التي ساقها الدارقطني لم أقف عليها، إلا أن الحافظ ابن حجر عزاها في
"فتح الباري" ٢/ ٩ (٥٢١) لسعيد بن منصور، ولم أقف عليها في المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>