للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيءٍ مثلَه، ثم صلَّى بي العصرَ حينَ كان ظلُّ كلِّ شيءٍ مثليْه، ثُمَّ صلَّى بي المغربَ حينَ أفطرَ الصائمُ، ثم صلَّى بي العشاءَ إلى ثُلُثِ الليل الأول، ثم صلَّى بي الفجرَ فأسفرَ، ثم التفتَ إليَّ فقالَ: يا محمدُ، هذا وقتُ الأنبياءِ من قبلك، الوقتُ فيما بينَ هذينِ الوقتين» (١).

قال الترمذي عقبه: «وفي الباب عن أبي هريرة، وبريدة، وأبي موسى، وأبي مسعود، وأبي سعيد، وجابر، وعمرو بن حزم، والبراء، وأنس». وقال أيضاً: «حديث ابن عباس حديث حسن».

قلت: ولعل قائلاً يقول: ما دام قد ثبت الحديث وأنَّ جبريل قد أمَّ النبيَّ فلماذا إذن هذا الجهد، وهذه المناقشات لطريق أبي مسعود؟

قلت: هذا بحث وذاك بحث آخر، فقد تبين أنَّ حديث أبي مسعود مختصر، وليس فيه ذكر التوقيت، ومن قال فيه بذلك فقد وهم، وحديث ابن عباس جاء مفصلاً، بل قد يتعدى الأمر إلى أدق من ذلك فتجد حديث ذلك الصحابي محفوظاً ثابتاً من جهته إلا أنَّه قد روي عنه من طرق مختلفة، فيتعين حينئذ بيان الوجوه المضطربة أو الضعيفة وبيان المحفوظ منها، وذلكم منهج المحققين من أهل الحديث فالزم ذلك.

انظر: " تحفة الأشراف" ٤/ ٧٣١ (٦٥١٩)، و"إتحاف المهرة" ٨/ ١١١ - ١١٣ (٩٠٣٠)، و" أطراف المسند " ٣/ ٢٨٠ (٣٩٢٠).

القسم الثالث:

أنْ يَكُوْن المتنان مختلفي الإسناد، فيدرج بعض الرُّوَاة شَيْئاً من أحدهما في الآخر مقتصراً على أحد الإسنادين، ولا يَكُوْن ذَلِكَ الشيء من رِوَايَة ذَلِكَ الرَّاوِي.

مثاله: ما رَوَاهُ أبو مُحَمَّد سعيد بن أبي مريم الحكم بن مُحَمَّد المصري (٢)، عن مالك، عن الزهري، عن أنس: أنَّ رَسُوْل الله قَالَ:


(١) لفظ رواية أحمد.
(٢) هُوَ سعيد بن الحكم بن مُحَمَّد بن أبي مريم الجمحي بالولاء، أبو مُحَمَّد المصري: ثقة ثبت فقيه، توفي سنة (٢٢٤ هـ).
انظر: " تهذيب الكمال " ٣/ ١٤٩ (٢٢٣٧)، و" الكاشف " (١٨٦٨)، و" التقريب "
(٢٢٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>