للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعلمه أبو قتادة أنَّه اصطاده من أجله امتنع منْ أكله بعد إعلامه إياه أنَّه اصطاده من أجله؛ لأنَّه قد ثبت عنه أنَّه قد أكل من لحم ذلك الحمار» (١).

هكذا جزم الحافظ ابن خزيمة بتفرد معمر بن راشد بهاتين اللفظتين، وهو مصيب في هذا، إلا أنَّه لا داعي للتأويل الأخير؛ لجزمنا بعدم صحة هاتين اللفظتين - كما سيأتي التدليل عليه -.

وقال أبو بكر بن زياد النيسابوري (٢) - شيخ الدارقطني -: «قوله: … (اصطدتُهُ لكَ)، وقوله: (ولمْ يأكلْ مِنهُ)، لا أعلم أحداً ذكره في هذا الحديث غير معمر» (٣).

وقال البيهقي: «هذه لفظة غريبة لم نكتبها إلا من هذا الوجه، وقد روينا عن أبي حازم بن دينار، عن عبد الله بن أبي قتادة في هذا الحديث أنَّ النَّبيَّ أكل منها، وتلك الرواية أودعها صاحبا الصحيح (٤) كتابيهما دون رواية معمر، وإن كان الإسنادان صحيحين» (٥).


(١) صحيح ابن خزيمة عقيب (٢٦٤٢) بتحقيقي، قال ابن حجر - معلقاً على كلام ابن خزيمة في أنَّ رسول الله ? أكل من اللحم قبل علمه بأنَّه قد صيد له -: «فيه نظر؛ لأنَّه لو كان حراماً ما أقر النَّبيُّ ? على الأكل منه إلى أنْ أعلمه أبو قتادة بأنَّه صاده لأجله» " فتح الباري " ٤/ ٤١ عقب (١٨٢٤)، وانظر: " التلخيص الحبير " ٢/ ٥٨٧ - ٥٨٨ (١٠٩٨).
(٢) هو: الإمام الحافظ، أبو بكر: عبد الله بن محمد بن زياد بن واصل النيسابوري، صاحب التصانيف المتقنة مِنْهَا " زيادات كتاب المزني "، مات سنة (٣٢٤ هـ).
انظر: " المنتظم " ٦/ ٢٨٦ - ٢٨٧، و " سير أعلام النبلاء " ١٥/ ٦٥، و " مرآة الجنان " ٢/ ٢١٧.
(٣) سنن الدارقطني ٢/ ٢٩٠ ط. العلمية وعقب (٢٧٤٩) ط. الرسالة، ومن طريقه البيهقي ٥/ ١٩٠.
(٤) يعني: الإمام البخاري والإمام مسلماً، وكتاباهما الصحيحان أصح الكتب بعد كتاب الله، والرواية التي أشار إليها البيهقي سيأتي تفصيلها.
(٥) " السنن الكبرى " ٥/ ١٩٠، ومعلوم أنَّه لا يلزم من صحة الإسناد صحة المتن ولا من ضعف الإسناد ضعف المتن.
انظر: " نصب الراية " ١/ ٣٤٧ على أنَّ هذه القاعدة ليست على إطلاقها.

<<  <  ج: ص:  >  >>