للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البرديجي، ويحيى بن معين والنَّسائي وغيرهم، سئل الإمام أحمد عن حديث يرويه الوليد، عن الأوزاعي، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النَّبيِّ : متى كُتبتَ نبياً، قال: هذا منكر، هذا من خطأ الأوزاعي، وهو كثيراً مما يخطئ عن يحيى بن أبي كثير (١). فقد حكم الإمام أحمد على هذا الحديث بالنكارة؛ لخطأ الأوزاعي (٢) فيه، وهو الظاهر من كلام البرديجي من خلال تعريفه للمنكر.

ونقل ابن عدي عن يحيى بن معين قوله في حديث عبد الرزاق أنَّ النَّبيَّ رأى على عُمَرَ قَميصاً: أنَّه حديث منكر ليس يرويه أحد غير عبد الرزاق (٣) وكذا استنكره النسائي، ونقل عن يحيى القطان استنكاره أيضاً (٤)، فحكم عليه بأنَّه منكر؛ لتفرد عبد الرزاق به، وهو من الثقات.

وهذا ملحوظ كثيراً في كلام الإمام أحمد فقد استعمل مصطلح (المنكر) على الأحاديث الأفراد التي يقع فيها الخطأ، سواء خالف راويها أم لم يخالف، وسواء كان راويها ثقةً أم ضعيفاً، وسواء كان الخطأ في الإسناد أم في المتن.

قال الحافظ ابن رجب معلقاً على قول الإمام أحمد على حديث أنَّه ليس بالمنكر: «وإنَّما قال الإمام أحمد: ليس بالمنكر؛ لأنَّه قد وافقه على بعضه غيره؛ لأنَّ قاعدته: أنَّ ما انفرد به ثقة فإنَّه يُتوقف فيه حتى يتابع عليه، فإنْ تُوبع عليه زالت نكارتُه، خُصُوصاً إنْ كان الثقة ليس بمشتهر في الحفظ والإتقان، وهذه قاعدة يحيى القطَّان وابن المديني، وغيرهما» (٥)، وقد حصل


(١) " العلل ومعرفة الرجال " (٢٦٨) برواية المروذي، والحديث أخرجه: الترمذي (٣٦٠٩)، والحاكم ٢/ ٦٠٩، والبيهقي في " دلائل النبوة " ٢/ ١٣٠.
(٢) وهو: «ثقةٌ، جليل» انظر: " التقريب " (٣٩٦٧).
(٣) " الكامل " ٦/ ٥٣٩، والحديث أخرجه: عبد الرزاق (٢٠٣٨٢)، وأحمد ٢/ ٨٨ - ٨٩،
وعبد بن حميد (٧٢٣)، وابن ماجه (٣٥٥٨)، وأبو يعلى (٥٥٤٥)، وابن حبان (٦٨٩٧).
(٤) " عمل اليوم والليلة " عقب (٢٦٩).
(٥) " فتح الباري " ٤/ ١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>