للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي زرعة أنَّه قال: «الحجاج بن أرطاة، صدوق مدلس»، ونَقَل المزي في "تهذيب الكمال " ٢/ ٥٨ (١٠٩٧) عن عبد الرحمان بن يوسف بن خراش أنَّه قال: «كان مُدلِّساً، وكان حافظاً للحديث»، وقال أبو زرعة في " كتاب المدلسين" (٨): «مشهور بالتدليس عن الضعفاء وغيرهم» (١).

قلت: وبناءً على ما تقدم فيكون الحديث ضعيفاً. وقد ذهب بعض أهل العلم إلى إنكار متن هذا الحديث، وحملهم الوهم على حجاج، فقد أخرج البيهقي ١٠/ ٢٨٣ - ٢٨٤ بإسناده إلى أبي خيثمة - زهير بن حرب - وخلف ابن هشام أنهما ذكرا لعبد الرحمان بن مهدي الحجاج بن أرطاة وخلافه عن الثقات والحفاظ، قالا: فتذاكرنا من هذا النحو أحاديث كثيرة، قال: فذكرنا لعبد الرحمان بن مهدي: حديث الحجاج، عن نافع، عن ابن عمر: أنَّ النبيَّ قضى أنَّ العبد إذا كان بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه، إنَّ الذي لم يعتق إنْ شاء ضمن المعتق القيمة، فإنْ لم يكن عنده استسعى (٢) العبد غير مشقوق عليه فقال عبد الرحمان: وهذا أيضاً من أعظم الفرية، كيف يكون هذا على ما رواه الحجاج، عن نافع، عن ابن عمر، وقد رواه عبيد الله بن عمر، ولم يكن في آل عمر أثبت منه ولا أحفظ ولا أوثق، ولا أشد تقدمة في علم الحديث في زمانه، فكان يقال: إنَّه واحد دهره في الحفظ، ثم تلاه في روايته مالك بن أنس، ولم يكن دونه في الحفظ، بل هو عندنا في الحفظ والإتقان مثله أو أجمع منه في كثير من الأحوال، ورواه يحيى بن سعيد الأنصاري، وهو من أثبت أهل المدينة وأصحهم رواية، رووه جميعاً عن نافع، عن ابن عمر، عن النبيِّ أنَّه قال: «من أعتقَ نصيباً أو شقصاً في عبدٍ كلفَ عتقَ ما بقي إنْ كانَ لهُ مالٌ، فإنْ لم يكنْ له مال فإنَّه يعتقُ منَ العبدِ ما أعتقَ» (٣)، وقال مسلم في


(١) وللتوسع في ترجمته راجع كتابي " كشف الإيهام " (٢١٧).
(٢) استسعاء العبد إذا أعتق بعضه ورق بعضه: هو أنْ يسعى في فكاك ما بقي من رقه، فيعمل ويكسب ويصرف ثمنه إلى مولاه، فسُمّي تصرفه في كسبه سعاية. النهاية ٢/ ٩٣٢.
(٣) سيأتي تخريجه ..

<<  <  ج: ص:  >  >>