للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الراوي إذا روى عن شخصٍ وقد حفظ عنه خلافه كما في هذا الحديث؛ إذ إنَّ حنشاً روى عن ابن عباس مرفوعاً: أنَّ الجمع بين الصلاتين من غير عذرٍ كبيرة. فقد تفرد حنش بهذا، فلم يعرف الحديث إلاَّ من طريقه ولم يتابعه أحد لا من قريب ولا من بعيد، في حين أنَّ المحفوظ عن ابن عباس خلافه، ومن خلال البحث تبيّن أنَّ الذي رواه حنش محفوظ عن عمر من قوله، فقد روى محمد بن الحسن في كتاب " الحجة على أهل المدينة " ١/ ١٦٥، والبيهقي ٣/ ١٦٩: أنَّ عمر بن الخطاب كتب إلى عامل له: ثلاثٌ منَ الكبائرِ: الجمعُ بينَ الصلاتينِ إلا في عذرٍ، والفرارُ منَ الزحف، والنهبى.

قلت: الذي يظهر لي والله أعلم أنَّ حنشاً أخذه سرقةً، وقلب إسناده ورواه عن ابن عباس مرفوعاً، قال ابن حبان في " المجروحين " ١/ ٢٤٣: «وروى - أي: حنش - عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله : «من ضم يتيماً … » وفي تلك النسخة عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النَّبيِّ ، قال: «مَنْ جمعَ بينَ صلاتينِ منْ غيرِ عذرٍ، فقد أتى باباً منْ أبوابِ الكبائر».

فعلى هذا يكون حكم ابن الجوزي على الحديث بالوضع (١)، حكماً دقيقاً صحيحاً يتماشى مع قواعد المحدّثين وأئمة النقد.

وانظر: "تحفة الأشراف" ٤/ ٥٥١ (٦٠٢٥)، و"إتحاف الخيرة" ٥/ ٤٢٥ (٤٩٤٠/ ٢)، و"المسند الجامع" ٨/ ٤٦٧ (٦٠٨١).

ومما استنكر على راويه إسناداً ومتناً ما روى إبراهيم بن محمد، عن أبي الحويرث - وهو عبد الرحمان بن معاوية -، عن الأعرج، عن ابن الصمة: أنَّ رسولَ اللهِ تيمَّمَ فَمسحَ وجهَهُ وذراعيهِ (٢).

أخرجه: الشافعي في " المسند " (٣٨) و (٨٨) و (٨٩) بتحقيقي وفي


(١) ذكره في " الموضوعات " (٩٧١) ط. أضواء السلف.
(٢) لفظ رواية الشافعي (٨٩) وهي رواية مختصرة، وإنما ذكرت هذه الرواية؛ لاتفاقها مع بقية الروايات على اللفظ المذكور، وهو المراد بالعلة دون غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>