للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحابياً، ويحتمل أن يكون تابعياً، وعلى الثاني يحتمل أن يكون ضعيفاً، ويحتمل أن يكون ثقة، وعلى الثاني يحتمل أن يكون حمل عن صحابي، ويحتمل أن يكون حمل عن تابعي آخر، وعلى الثاني فيعود الاحتمال السابق، ويتعدد إمَّا بالتجويز العقلي، فإلى ما لا نهاية له، وإمَّا بالاستقراء، فإلى ستة، أو سبعة،

وهو أكثر ما وُجدَ من رواية بعض التابعين عن بعض» (١).

القول الثاني: يقبل المرسَل من كبار التابعين دون غيرهم، بشرط الاعتبار في الحديث المرسَل، والراوي المرسِل. أمَّا الاعتبار في الحديث: فهو أن يعتضد بواحد من أربعة أُمور: أن يروى مسنداً من وجه آخر، أو يُروى مرسَلاً بمعناه عن راوٍ آخر لم يأخذ عن شيوخ الأول؛ فيدلّ ذلك على تعدد مخرج الحديث، أو يوافقه قول بعض الصحابة، أو يكون قال به أكثر أهل العلم.

وأمَّا الاعتبار في الراوي المرسِل: فأن يكون الراوي إذا سمَّى من روى عنه لم يسمِّ مجهولاً، ولا مرغوباً عنه في الرواية. فإذا وجدت هذه الأمور كانت دلالة على صحة مخرج حديثه، فيحتجُّ به. وهو قول الإمام الشافعي (٢).

القول الثالث: يقبل المرسل ويحتجّ به إذا كان راويه ثقة.

وهو قول أبي حنيفة، ومالك، ورواية عن أحمد (٣).

والقول الصحيح هو الأول؛ لأنَّ المرسَل فقد شرط الاتصال، والاتصال شرطٌ رئيسٌ في صحة الحديث، وليس هناك فرق بين القول الأول والثاني؛ لأنَّ أصحاب القول الأول متَّفِقون على أنَّ المرسل ليس من الضعف الشديد، بل يتقوى بالمتابعات والشواهد، فالقول الثاني ليس نافٍ للقول


(١) " نزهة النظر ": ٦٣.
(٢) " الرسالة " (١٢٦٤) - (١٢٧٠) بتحقيقي، و " الكفاية ": ٣٨٤، و " الإحكام في أصول الأحكام " ٢/ ١١٢، و " معرفة أنواع علم الحديث ": ١٣٠ بتحقيقي، و " جامع التحصيل ": ٣٩، و " البحر المحيط " ٤/ ٤١٣.
(٣) انظر: " أصول السرخسي " ١/ ٣٦١، و " فتح المغيث " ١/ ١٥٧ ط. العلمية، و ١/ ٢٤٦ ط. الخضير، و " تدريب الراوي " ١/ ١٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>