الأول، إلا أنَّ الفرق أنَّ الشافعي خصه بكبار التابعين، وسبب جعلنا إياه قسيماً للقول الأول؛ أنَّنا لم نجد من فصَّله بهذا التفصيل الرائع، وعُدّ هذا من مآثر الإمام الشافعي، زيادة على أنَّ قضية تقوية الأحاديث تدرك بالمباشرة، وجعل ذلك تحت قاعدة كلِّية، يتورع عنه كثير من الناس، إذ لكل حديث حالته الخاصة لاسيما قضية تقوية الحديث بعمل أهل العلم به يتوقف فيها كثير من الناس.
فكبار التابعين: هم الذين أدركوا كبار الصحابة كأبي بكر، وعمر، وعثمان، وابن مسعود، ومعاذ بن جبل … وأكثر روايتهم إذا سمّوا شيوخهم عن الصحابة، وهؤلاء مثل: قيس بن أبي حازم، وسعيد بن المسيب، ومسروق بن الأجدع، ويندرج في جملتهم المخضرَمون، وهم الذين أدركوا الجاهلية والإسلام، لكنهم لم يثبت لهم شرف الصحبة، مثل: سويد بن غفلة، وعمرو بن ميمون الأودي، وأبي رجاء العطاردي.
فمراسيل هؤلاء الكبار أفضل من غيرهم، واحتمال تقويتها بالمتابعات والشواهد، أقوى وأسرع.
أمَّا الطبقة الثانية: فهم طبقة أواسط التابعين، وهم الذين أدركوا علي ابن أبي طالب، ومن بقي حياً إلى عهده، وبُعيده من الصحابة كحذيفة بن اليمان، وأبي موسى الأشعري، وأبي أيوب الأنصاري، وعمران بن حصين، وسعد بن أبي وقاص، وعائشة أُمّ المؤمنين، وأبي هريرة، والبراء بن عازب، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، ووقع سماعهم من بعضهم، ومن هؤلاء التابعين الأواسط الذين أدركوا هؤلاء الصحابة: الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وعطاء بن أبي رباح، وطاووس اليماني، وأبو سلمة بن
عبد الرحمان، وعامر الشعبي، ومجاهد بن جبر.
فمراسيل هذه الطبقة دون مراسيل أصحاب الطبقة الأولى من كبار التابعين، ولكنها تكتب للاعتبار، وتتقوى بالمتابعات والشواهد.
أمَّا الطبقة الثالثة: فهم صغار التابعين، وهم من أدرك وسمع ممن تأخر موته من الصحابة، كمن سمع من أنس بن مالك، وسهل بن سعد، وأبي أمامة الباهلي. ومن هؤلاء التابعين الصغار: ابن شهاب الزهري، وقتادة بن دعامة