سعد والبخاري: سمع من ابن مسعود». وخالفهما أبو حاتم الرازي فإنَّه قال في
"المراسيل " لابنه (٥٧٢): «عطاء لم يسمع من عبد الله بن مسعود»، وقال البزار عقب (١٨٩٦): «وهذا الحديث لا نعلمه يروى بهذا اللفظ عن عبد الله إلا بهذا الإسناد، ولا نعلم روى عطاء بن يسار عن عبد الله غير هذا الحديث، ولا نعلمه سمع منه، وإن كان قديماً ولا نعلم أسند الحسن بن عمرو، عن معاوية بن إسحاق إلا هذا الحديث».
أقول: فالناظر للوهلة الأولى سيرجح ما ذهب إليه البخاري من إثبات سماع عطاء من ابن مسعود سيما مع ما جاء عند ابن حبان عقب (١٧٧)
: «قال عطاء: فحين سمعت الحديث منه انطلقت به إلى عبد الله بن عمر فأخبرته، فقال: أنت سمعت ابن مسعود يقول هذا؟ - كالمدخل عليه في حديثه - قال عطاء: فقلت: هو مريض فما يمنعك أنْ تعوده؟ قال: فانطلق بنا إليه فانطلق وانطلقت معه، فسأله عن شكواه، ثم سأله عن الحديث قال: فخرج ابن عمر وهو يقلب كفه وهو يقول: ما كان ابن أم عبد يكذب على رسول الله ﷺ»، وهذه القصة تبين قيام سماع عطاء من ابن عمر وابن
مسعود.
أقول: وعلى الرغم من كل ما تقدم فإنَّ صحة الحديث مدخولة بالانقطاع، وأنَّ الراجح ما ذهب إليه أبو حاتم والبزار. فأما ما نقله المزي فعند الرجوع إلى " التاريخ الكبير " ٦/ ٢٤٩ (٢٩٩٢) وجدت النص هكذا
: « .. سمع أبا سعيد وأبا هريرة ﵄، ويقال: ابن مسعود وابن عمر ﵄ .. ». هكذا ذكره البخاريُّ بصيغة التمريض مبيِّناً ضعف سماع عطاء من ابن مسعود وابن عمر، ولو كان يرجح سماعه منه، لذكره كما ذكر سماعه من أبي سعيد وأبي هريرة - أقصد: بصيغة الجزم - وهذا واضح جليٌّ لمن وهبه الله نور هذا العلم. ثم إنَّ هذه القصة على فرض صحتها كان أبو حاتم والبخاري والبزار أولى بحفظها من غيرهم، ولو صحت عندهم لجزموا بصحة سماع عطاء. وسيأتي بيان شذوذ هذه الرواية في تخريج الطريق الذي بعد هذا. ومن خلال التخريج الذي قدمناه لطريق معاوية بن صالح، يتبين أنَّ أصحاب الكتب الستة لم يخرجوه في مصنفاتهم، بل إنَّهم لم يخرجوا رواية