للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأصحاب النبي أصابتهم الخيرية بمقتضى ظاهر قول النبي ، وقوله : «لا تَسُبوا أَصْحَابِي، فلو أنَّ أحَدَكُم أنْفَقَ مثل أُحدٍ ذهباً، ما بلغ مُدَّ أحدِهمْ وَلا نصِيفَه» (١). فصدر هذا الحديث نهي عما يفعله حطب جهنم الذين اتخذوا سب أحباب النبي ديناً يدينون الله به، حسبهم مذلة واحتقاراً أن يكون خصمهم يوم القيامة أبا بكر وعمر وعثمان وغيرهم رضي الله عن الجميع. وأما آخر هذا الحديث والحديث الأول ففيه تزكية مجملة لأصحاب النبي ، وأما إجماع الأمة فقد نقله غير واحد من الأئمة على ثبوت عدالة الصحابة، فقال الخطيب: « .. القطع على عدالتهم، والاعتقاد لنزاهتهم، وأنَّهم أفضل من جميع المعدَّلين والمزكّين، الذين يجيؤون من بعدهم أبد الآبدين. هذا مذهب كافة (٢) العلماء، ومن يعتد بقوله من الفقهاء» (٣)، وقال ابن عبد البر: « .. قد كفينا البحث عن أحوالهم لإجماع أهل الحق من المسلمين، وهم أهل السنة والجماعة، على أنَّهم كلهم عدول .. » (٤)، وقال ابن الصلاح: «للصحابة بأسرهم خَصيْصَةٌ، وهي أنَّه لا يسأل عن عدالة أحدٍ منهم، بل ذلك أمر مفروغ منه لكونهم على الإطلاق معدَّلين بنصوص الكتاب والسنة وإجماع من يعتد به في الإجماع من الأمة … ثم إنَّ الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة، ومن لابس الفتن منهم فكذلك بإجماع العلماء الذين يعتد بهم في الإجماع، إحساناً للظن بهم ونظراً إلى ما تمهّد لهم من المآثر، وكأنَّ الله أتاح الإجماع على ذلك لكونهم نقلة الشريعة، والله أعلم» (٥). وكذلك نقل الإجماع على عدالتهم إمام الحرمين الجويني، والعراقي، والغزالي، والنووي، وابن كثير، وابن حجر، والآلوسي وغيرهم كثير (٦).


(١) أخرجه: البخاري ٥/ ١٠ (٣٦٧٣)، ومسلم ٧/ ١٨٨ (٢٥٤١) (٢٢٢) من حديث أبي سعيد الخدري .
(٢) للشيخ الدكتور بكر أبو زيد تعليقة لطيفة في استعمال «كافة» راجعها في كتابه " المجموعة العلمية ": ٣١٤.
(٣) " الكفاية ": ٤٩.
(٤) " الاستيعاب ": ٢٣.
(٥) " معرفة أنواع علم الحديث ": ٣٩٧ و ٣٩٨ بتحقيقي.
(٦) انظر: " أصول الجرح والتعديل ": ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>