للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلفوا الحكم بالظاهر من الأشياء» (١)، وهذا المذهب ليس العمل عليه عند أهل الحديث؛ لأنَّ مذهبهم إعمال قرائن الجرح والتعديل في الراوي، وبعد ذلك يطلق فيه القول.

المسألة الرابعة: مسألة عدالة الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين:

الصحابة عدول كلهم بتعديل الله تعالى وتعديل نبيه .

والصحابي: هو من لقي النبي مؤمناً به، ومات على الإسلام (٢).

قال النووي - رحمه الله تعالى-: «الصحابة كلهم عدول من لابس الفتن وغيرها بإجماع من يعتد به» (٣).

وقال الآمدي: «اتفق الجمهور من الأئمة على عدالة الصحابة مطلقاً» (٤).

ذكر بعض أهل العلم أنَّ من كان له راو واحد رد حديثه وإن كان صحابياً، نص على ذلك ابن منده فقال: «من حكم الصحابي أنَّه إذا روى عنه تابعي واحد، وإنْ كان مشهوراً مثل الشعبي وسعيد بن المسيب ينسب إلى الجهالة، فإذا روى عنه رجلان صار مشهوراً واحتج به» (٥).

وقد ذهب هذا المذهب غير ابن منده، ولا يخفى فساد هذا المذهب من وجوه:

الأول: أنَّه مناقض للقرآن والسنة: ففي القرآن آيات كثيرة تدل على علو مكانة الصحابة وتعديلهم من الله ، منها قوله تعالى: ﴿لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة﴾ (٦) ولا يتم الرضا إلا بعد علمه حالهم ظاهراً وباطناً. والآيات في هذا الباب كثيرة جداً، وأما الأحاديث فمنها قوله : «خيرُ الناسِ قَرنِي ثُمَّ الذِينَ يَلونهمْ، ثُمَّ الذِينَ يَلونَهمْ» (٧).


(١) مقدمة " الثقات " ١/ ١٣.
(٢) انظر: " الإصابة " ١/ ١٩.
(٣) " التقريب " المطبوع مع " التدريب " ٢/ ٢١٤.
(٤) " إحكام الأحكام " ٢/ ١٢٨.
(٥) " شروط الأئمة الستة ": ٩٩ - ١٠٠.
(٦) " الفتح ": ١٨.
(٧) أخرجه: البخاري ٣/ ٢٢٤ (٢٦٥٢)، ومسلم ٧/ ١٨٥ (٢٥٣٣) (٢١٢) من حديث
عبد الله بن مسعود .

<<  <  ج: ص:  >  >>