للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد روي من طريق آخر.

فأخرجه: أبو نعيم في " الحلية " ٥/ ٨ من طريق أبي القاسم حماد بن أحمد ابن حماد بن أبي رجاء المروزي، قال: وجدت في كتاب جدي حماد بن أبي رجاء السُّلمي بخطه، عن أبي حمزة السُّكري، عن محمد بن سوقة، عن أنس ابن مالك … فذكره.

قال عَقِبَهُ: «غريب من حديث محمد، تفرد به حماد موجوداً (١) في كتاب جده».

قلت: وهذا الإسناد منقطع في موضعين:

الأول: قوله: «وجدت في كتاب جدي … » هذا بمعنى الوجادة في اصطلاحات المحدّثين، وهي من المقاطيع؛ إلا أنَّ الوجادة تقبل إذا وثق بالموجود ونسبته إلى صاحبه.

قال ابن الصلاح في " معرفة أنواع علم الحديث ": ٢٨٩ بتحقيقي بعد تعريفه لهذه الطريقة من طرق السماع: «وهذا منقطع لم يأخذ شوباً من الاتصال … »، وقال الزركشي في " نكته " ٣/ ٥٥٣: «وهكذا قال الحافظ رشيد الدين القرشي في " الغرر المجموعة ": الوجادة داخلة في باب المقطوع عند علماء الرواية (٢)، وقد يقال: بل عَدُّهُ من التعليق أولى من المرسل والمنقطع» انتهى (٣).


(١) (موجوداً) حالٌ من الفعل (تفرد) ومعناه أن حماداً تفرد به وجادةً، والله أعلم.
(٢) " غرر الفوائد المجموعة ": ٢٨٥.
(٣) قال ابن كثير في " اختصار علوم الحديث ": ١٢٨: «والوجادة ليست من باب الرواية، وإنما هي حكاية عما وجده في الكتاب، وأما العمل بها فمنع منه طائفة من الفقهاء والمحدثين أو أكثرهم فيما حكاه بعضهم».
قلت: وهذا كان في ذاك الزمان حينما كانت الرواية مشتهرةً والأسانيد إلى الكتب متعددة، أما في الأزمان المتأخرة فاتفق جميع أهل العلم على قبولها. والوجادة وجدت في كتب المتقدمين كصحيح الإمام مسلم، ومسند أحمد وغيرهما، لذا نقل ابن الصلاح في " معرفة أنواع علم الحديث ": ٢٩١ بتحقيقي عن بعض المحققين القطع بقبول الوجادة ثم قال: «وما قطع به هو الذي لا يتَّجه غيره في الأعصار المتأخرة، فإنه لو توقف العمل فيها على الرواية لانسدّ باب العمل بالمنقول؛ لتعذر شرط الرواية فيها على ما تقدم في النوع الأول، والله أعلم».
وانظر: " الإلماع ": ١٢٠، " والبرهان " ١/ ٤١٦ (٥٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>