للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الموضع الآخر: فإنَّ في رواية محمد بن سوقة عن أنس بن مالك نظراً، قال ابن حبان في " الثقات " ٧/ ٤٠٤: «وقد قيل إنَّه رأى أنساً وأبا الطفيل … » فإنَّ الشك في الرؤية يثبت عدم السماع من باب أولى.

وقد روي من طريق آخر.

فأخرجه: الطيالسي (٢١٣٣)، والبزار كما في " كشف الأستار " (١٥٧٨)، وأبو يعلى (٣٦٤٤)، وأبو نعيم في " الحلية " ٣/ ١٧١، والبيهقي ٨/ ١٤٤، والضياء المقدسي في " المختارة " ٦/ ١٤٣ (٢١٣٨) من طريق إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن أنس.

قال أبو نعيم عقبه: «هذا حديث مشهور ثابت من حديث أنس، لم يروه عن سعد فيما أعلم إلا ابن (١) إبراهيم».

إلا أنَّ الحديث بهذا الإسناد معلول بالانقطاع بين (سعد) و (أنس) فقد نقل العلائي في " جامع التحصيل " (٢٢٤) عن علي بن المديني أنَّه قال فيه: «لم يلق أحداً من الصحابة»، ونقل الخلاّل في علله كما في " المنتخب " (٨٠) عن الإمام أحمد أنَّه قال: «لَيسَ هَذا في كُتُبِ إِبراهيمَ، لا يَنبغي أنْ يكون لَهُ أَصْلٌ».

قلت: مثل هكذا تعليل يطلقه الأئمة على من عرف بتدوينه حديثه في مصنفاته، فإذا جاء إسنادٌ ما عن ذلك المصنف، ولم يُعثر عليه في مصنفاته؛ فإنَّ المحدّثين يستنكرونه كما هو عند الإمام أحمد هنا، فيطلقون على ذلك الإسناد بأنَّه لا أصل له أي: لا أصل له في كتب ذلك المصنف، ولا يقصدون بذلك المعنى الاصطلاحي (٢)، إلا أنه في كلام الإمام أحمد هذا خاصة أراد المعنى الاصطلاحي.


(١) هكذا في المطبوع، وقد يكون الصواب: «ابنه».
(٢) قارن في ذلك مقدمة المصنوع: ٣٨ - ٤٠، وكتاب " بلوغ الأماني من كلام المعلمي اليماني ": ٧١ جمع إسلام بن محمود.

<<  <  ج: ص:  >  >>