ما لم يخير أحدُكم بين إسلامه وبينَ ضربِ عنقهِ، فإنْ خُيِّرَ بينَ إسلامِهِ وبينَ ضربِ عنقهِ، ثكلتْهُ أمُّهُ فلا دنيا ولا آخرة بعدَ ذهاب إسلامِهِ».
قال الطبراني عقبه:«لم يروِ هذا الحديث عن مسْعر إلا فيض بن الفضل».
وقال أبو نعيم:«غريب من حديث مسْعر، لم نكتبه عالياً إلا من حديث الفيض».
وعلى انفراد الفيض في روايته هذه، فإنَّه مجهول، فقد ترجم له البخاري في " التاريخ الكبير " ٧/ ٣٠ (٦٢٩)، وابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " ٧/ ١١٨ (٥٠٠) ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، وذكره ابن حبان في "الثقات " ٩/ ١٢.
ولقائل أنْ يقول: ورد في ترجمة الفيض في " الجرح والتعديل " أنَّ أبا حاتم الرازي روى عنه ألا يعد ذلك تعديلاً له؟.
فنقول: لا شك أنَّ رواية الثقة عن غيره لا تعد توثيقاً له، وإنَّما يروون عن الضعفاء والمجاهيل؛ لغرض حفظ الطريق، فلربما يأتي راو مدلس، فيعمد إلى ذلك الإسناد، فيسقط منه ضعيفاً بين ثقتين، فيتوهم من ليس له باع في هذا الفن، فيذهب إلى تصحيح ذلك الطريق، ثم إنَّ في سكوت النقاد عن راو معين - وهم أهل هذا الفن وترياقه المجرب- يجعل منه شك في حاله، والله أعلم.
وقد أُعل هذا الحديث باختلافه على مِسْعر، فقد سُئل الدارقطني في "العلل " ٣/ ١٩٨ س (٣٥٩) فقال: «يرويه مِسْعر، واختلفَ عنه، فرفعه فيض بن الفضل، عن مسعر، عن سلمة بن كهيل، عن أبي صادق، عن ربيعة ابن ناجد، عن علي، عن النَّبيِّ ﷺ(١) وخالفه داود بن عبد الجبار، فرواه عن مسعر، عن عثمان بن المغيرة، عن أبي صادق ورفعه أيضاً، وغيرهما يرويه عن مسعر موقوفاً، وكذلك رواه أبو عوانة، عن عثمان بن المغيرة موقوفاً، والموقوف أشبه بالصواب».