وقال عقبه:«لم يروِ هذا الحديث عن عوف إلا معاذُ بنُ عوذ الله، ولا يروى عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد».
هذا إسناد رجاله ثقات، ما خلا معاذ بن عوذ الله، تفرّد ابن حبان في توثيقه، فقال عنه في " الثقات " ٩/ ١٧٨: «مستقيم الحديث»، إلا أن حديثه هذا شاذ بمرة؛ لأنَّ معاذاً خالف (محمد بن جعفر، وحماد بن أسامة، وعبد الوهاب الثقفي) فرووه بالإسناد الأول، وقد تقدموا مجملين في تخريجه.
وروي من غير هذا الوجه من حديث رفاعة.
فأخرجه: ابن أبي شيبة (٢٦٨٩٤)، وأحمد ٤/ ٣٤٠، والحاكم ٢/ ٣٢٨ و ٤/ ٧٣ من طريق ابن خثيم، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة، عن أبيه، عن جده، قال: جمعَ رسولُ الله ﷺ قريشاً، فقالَ:«هلْ فيكم منْ غيرِكم؟» قالوا: لا، إلا ابن أختنا وحليفنا ومولانا، فقال:«ابنُ أختِكم مِنكم، وحليفكم مِنكم، ومولاكم مِنكم، إنَّ قُريشاً أهل صدق وأمانةٍ، فمن بغى لها العواثر، أكبه الله في النار لوجهه».
قال الحاكم عقبه:«هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه».
وهو إسناد ضعيف؛ فيه إسماعيل بن عبيد بن رفاعة، لم يوثّقه أحدٌ غير ابن حبان في " الثقات " ٦/ ٢٨، وقال ابن حجر في " التقريب "(٤٦٧): «مقبول». أي: إذا توبع، ولم يتابعه أحد على هذا الطريق.
وهذا الحديث فيه زيادة على ما تقدم وعلى ما سيأتي:«المولى والحليف» والمتتبع لوجوه الحديث وطرقه يجد أن هاتين العبارتين لم تردا إلا في هذا الطريق، وقد علمت أن في إسناده مقالاً، وهذا المقال يمنع الحكم بصحته، بل يجعل تلك العبارتين دليلاً على شذوذه، وأنه لا يُعبأ به لمخالفته الأحاديث الصحاح، ولضعف سنده.
وانظر:" إتحاف المهرة " ٤/ ٥١٥ (٤٥٨٩).
قلت: وللشطر الأول من الحديث شواهد صحيحة من حديث أنس بن مالك وحديث جبير بن مطعم.