ثلاثتهم:(عبد الله، وعبد الرحمان، وأبو عامر) عن أبي مودود، عن رجل، عمن سمع أبان، عن أبان، عن أبيه، به.
وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى إعلال طريق محمد بن كعب، فقد نقل أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في " العلل " عقب (٢٠٧٩) عن عبد الرحمان ابن مهدي: أنَّه أنكره أنْ يكون عن محمد بن كعب القرظي، ونقل عنه أيضاً أنَّه قال:«هو باطل»، ونقل ابن أبي حاتم أيضاً في " العلل "(٢١٠٥) عن أبي زرعة أنَّه قال عن رواية محمد بن كعب: «هذا خطأ، والصحيح ما حدثنا القعنبيُّ، قال: حدثنا أبو مودود، عن رجل … » ثم ذكر حديث القعنبي بمثل رواية النسائي. ونص الدارقطني على إعلال رواية محمد بن كعب، فقال عقب ذكره لرواية عبد الرحمان وأبي عامر:«وهذا القول هو المضبوط، عن أبي مودود، ومن قال فيه: عن محمد بن كعب القرظي فقد وهم»، وقال ابن حجر في " نتائج الأفكار " ٢/ ٣٥٠: «وهي علة خفية، راجت على البزار وابن حبان».
قلت: فهذه أقوال أهل العلم جاءت صريحة بينة في إعلال طريق محمد بن كعب، وإنَّ الصواب من طريق أبي مودود أن بينه وبين أبان راويين مبهمين.
فظهرت الآن علة هذا الطريق، بقي هناك أمر يستحق المناقشة، وهو تحديد الوهم في هذا الحديث، فمن خلال ما قدمناه قد يحيك في الصدر أنَّ الواهم فيه أنس بن عياض، على اعتبار مخالفته الرواة عن أبي مودود، وهذا الكلام فيه نظر: فالذي تبين لي أنَّ الوهم كله من أبي مودود، وأنَّه اضطرب في هذا الحديث فحدَّث به على وجهين:
الأول: طريق محمد بن كعب. والثاني: الطريق الذي أبهم فيه شيخه.
زد على ذلك ما نقله ابن أبي حاتم في " العلل " عقب (٢٠٧٩) عن عليِّ بن المديني أنَّه قال: «حدثني اثنان بالمدينة عن أبي مودود، عن محمد بن كعب … » فهذان الراويان مع أنَّهما مبهمان إلا أننا إذا جمعنا روايتيهما مع روايات الثقات تبين الوهم حينئذ وهو أنَّ ابن المديني كان يحمل الوهم فيه على أبي مودود.