للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبي ، فقالَ: «هذا جبريلُ أتاكم ليعلمَكم معالمَ دينِكم، ما جاءني في صورةٍ إلا وأنا أعرفُ فيها، إلا اليومَ في هذه الصورة».

أخرجه: أبو حنيفة في " مسنده ": ١٥٢ (رواية أبي نعيم).

هذا حديث صحيح مشهور، إلا أنَّ فيه عبارة منكرة، وهي قوله: «ما شرائع الإسلام» وهذه العبارة ليستْ من الحديث في شيء، وقد حملَ مسلمٌ في " التمييز ": ٧٥ على أبي حنيفة في اختلاق هذه العبارة، فقالَ: «فهذه زيادةٌ مختلقةٌ، ليستْ من الحروف بسبيل، وإنَّما أدخل هذا الحرف - في رواية هذا الحديث - شِرْذِمة (١) زيادة في الحرف مثل ضرب النُّعمان بن ثابت وسعيد بن سنان، ومن يُجاري الإرجاء نحوهما، وإنَّما أرادوا بذلكَ تصويباً في قوله في الإيمان، وتقعيد الإرجاء، ذلك ما لم يزد قولهم إلا وهناً، وعن الحق إلا بُعداً، إذ زادوا في رواية الأخبار ما كفى بأهلِ العلم، والدليل على ما قلنا من إدخالهم الزيادة في هذا الخبر أنَّ عطاء بن السائب وسفيان روياه عن علقمة فقالا: قال: يا رسولَ اللهِ ما الإسلام؟ وعلى ذلك رواية الناس بعد مثل: سليمان، ومطر، وكهمس ومحارب، وعثمان، وحسين بن حسن وغيرهم من الحفاظ كلهم يحكي في روايته أنَّ جبريل قالَ: يا محمد ما الإسلام؟ ولم يقلْ: ما شرائعُ الإسلامِ؟ كما روت المرجئة».

قلت: توبع أبو حنيفة على هذه العبارة تابعه عبد العزيز بن أبي رواد (٢) عند العقيلي في " الضعفاء " ٣/ ٨ - ٩، وأبي نعيم في "حلية الأولياء" ٨/ ٢٠٢، إلا أنَّ هذه المتابعة لا تنفع، ولا تقوّي رواية أبي حنيفة بشيء؛ لأنَّ عبد العزيز معروف بالإرجاء، وعلى كل حال فإنَّ هذه العبارة أينما دارت دارت على مرجئ (٣).


(١) الشرذمة في كلام العرب: القليل.
(٢) وهو: «صدوق عابد ربما وهم» " التقريب " (٤٠٩٦).
(٣) فأبو حنيفة رماه مسلم بها كما هو أعلاه، وعبد العزيز قال عنه ابن حجر في " التقريب " (٤٠٩٦): «رمي بالإرجاء»، وعلقمة قال عنه أبو داود عقب (٤٦٩٧): «مرجئ».

<<  <  ج: ص:  >  >>