للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما أعله النقاد فردوا رواية راويه لكونها مما يشيد مذهب ذلك الراوي مع مخالفته الثقات ما روى أبو حنيفة، عن علقمة بن مرثد، عن يحيى بن يعمر، قالَ: دخلتُ المسجد فإذا عبدُ الله بن عمر جالسٌ، فقلت لصاحبي: انطلقْ بنا إليه، فجلسنا معه، فقلتُ له: يا أبا عبد الرحمان أنا منقلبٌ في هذه الأرضين، ونلقى قوماً يقولون: لا قدَرَ، فغضبَ غضباً شديداً، فقالَ: آتهم فأخبرهم أنَّ عبد الله بن عمر منهم بريءٌ، وإنهم مني براءٌ ثلاثَ مراتٍ، ولو أجد أعواناً لجاهدتهم عليه، ثم أنشأ يحدثنا قال: بينا أنا عند النبي في أناس من أصحابه إذ دخل عليه شابٌ حسن الوجهِ، طيب الريح، حسن الثياب، حسن الهيئةِ، فقال: السلامُ عليك يا نبيَّ اللهِ، قال: فردَّ النَّبيُّ السلام ورددنا، ثمَّ قالَ: أَدْنُو يا رسولَ الله؟ قالَ: «نعمْ» فدنا حتى أَلصقَ ركبته بركبةِ النبيِّ ، ثُمَّ قالَ: ما الإيمانُ؟ قالَ: «الإيمانُ باللهِ، وملائكتهِ،

وكتبهِ، ورسلهِ، والقدرِ خيرهِ وشرهِ منَ الله»، قال: صدقتَ، فعجبنا من قوله: صدقتَ، مع توقيرهِ إياه كأنَّه يعلمُ، ثم قالَ: ما شرائعُ الإسلام؟ قالَ: «إقامُ الصلاةِ، وإيتاء الزكاةِ، وحجُّ البيتِ، وصومُ رمضانَ، والاغتسال من الجنابةِ» قال: صدقتَ، فعجبنا من قولهِ: صدقتَ، قالَ: ما الإحسان؟ قالَ: «أنْ تعمل لله كأنَّك تراهُ، فإنْ لمْ تكنْ تراهُ، فإنهُ يراكَ»، قال: متى الساعة؟ قالَ: «ما المسؤول عنها بأعلمَ منَ السائلِ» قالَ: صدقتَ، ثمَّ قام فانطلقَ، فقال رسولُ الله : «عليَّ بالرجل» قالَ: فطلبناه وهو بين أظهرنا، فكأنَّما التقمتهُ (١) الأرضُ، فما وجدناهُ، ولا رأينا شيئاً، فأخبرنا


(١) في المطبوع: «التقمطه».

<<  <  ج: ص:  >  >>