للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم رواية الملقَّن: في رواية الملقن ثلاثة أقوال:

الأول: من كان يلقن أحياناً قليلة فيتلقن، وهو مكثر من الرواية فلعله يصلح للاعتبار به كشأن الضعيف السيئ الحفظ؛ لأنَّ الغالب فيه عدم ذلك التلقين (١).

الثاني: قال السخاوي: «أو قبل التلقين الباطل ممن يلقنه إياه في الحديث إسناداً أو متناً وبادر إلى التحديث بذلك ولو مرة، لدلالته على مجازفته، وعدم تثبته، وسقوط الوثوق بالمتصف به، لا سيما وقد كان غير واحد يفعله

اختباراً، لتجربة حفظ الراوي وضبطه وحذقه» (٢)، فالسخاوي يرى أنَّ من لقن حديثاً باطلاً ولو مرة واحدة ردت عامة أحاديثه، وقد سبقه إلى ذلك ابن حزم كما تقدم النقل عنه.

الثالث: إذا تميز حديثه الذي كان يحفظ من حديثه الذي لقن فيه قُبل ما حفظ ورُد ما لقن فيه، وإنْ لم يتميز رُد جميع حديثه، وأما من لزقه هذا الوصف ولم يعرف بضبط أصلاً فكل حديث مردود من طريقه (٣).

ولا يخفى أنَّ الأول والثالث ينحيان منحى واحداً، وإن اختلفت الألفاظ وبنحوه قال به الحميدي والمعلمي، فخلاصة القول: إنَّ الملقن إذا مُيزَ ما لُقن طرح الذي تلقنه واحتج بما سواه، وإذا كان الراوي واسع الرواية ولم يثبت أنَّه لقن غير أحاديث يسيرة فعند ذاك يقبل حديثه؛ لأنَّ الغالب عليه عدم التلقين، ويجب أنْ يقيد هذا في حال لم تظهر نكارة أو شذوذ في ذلك الحديث أي: أنْ يكون موافقاً لما يرويه غيره، والله أعلم. ويجب أنْ يتنبه على أنَّ الراوي قد يكثر من تلقن أحاديث موضوعة فيصيّر بذلك الراوي متروكاً أو مطروح الحديث (٤). وقد يكون التلقين مدعاة لكشف كذب الرواة فمن ذلك: «ما وقع


(١) انظر: " لسان المحدّثين " (التلقين).
(٢) " فتح المغيث " ١/ ٣٨٥ ط. العلمية و ٢/ ٢٧٠ ط. الخضير.
(٣) انظر: " تحرير علوم الحديث " ١/ ٤٢٥.
(٤) وانظر في تفسير هذا المصطلح: " الموقظة ": ٣٤ - ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>