للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معين: «وقد سأله عن الرجال غير واحد من الحفاظ، ومن ثم اختلفت آراؤه وعباراته في بعض الرجال كما اختلفت اجتهادات الفقهاء، وصارت لهم الأقوال والوجوه، فاجتهدوا في المسائل كما اجتهد ابن معين في الرجال» (١)، «قال الحافظ أبو بكر الإسماعيلي في " المدخل ": وهذا لأنه قد يخطر على قلب المسؤول عن الرجل من حاله في الحديث وقتاً ما ينكره قلبه، فيخرج جوابه على حسب النكرة التي في قلبه، ويخطر له ما يخالفه في وقت آخر، فيجيب عما يعرفه في الوقت منه. قال: وليس ذلك بتناقض ولا إحالة، ولكنَّه صدر عن حالين مختلفين عرض أحدهما في وقت والآخر في غيره» (٢)، وقال المعلمي: «كان ابن معين إذا لقي في رحلته شيخاً فسمع منه مجلساً أو ورد بغداد شيخ فسمع منه مجلساً فرأى تلك الأحاديث مستقيمة ثم سئل عن الشيخ وثقه، وقد يتفق أنْ يكون الشيخ دجالاً استقبل ابن معين بأحاديث صحيحة، ويكون قد خلط قبل ذلك أو يخلط بعد ذلك» (٣).

وابن معين لم ينفرد بهذه الحالة، وإنما مثلت به لاشتهاره بذلك، وإلا فإن النسائي ضعف بعض الرواة ووثقهم في موضع آخر، وابن حبان ذكر بعض الرواة الثقات وذكرهم أيضاً في المجروحين (٤)، فإذن هذه الحالة لم ينفرد بها يحيى بن معين.


(١) انظر: " جواب المنذري عن أسئلة في الجرح والتعديل ": ٨٩.
(٢) انظر: " جواب المنذري عن أسئلة في الجرح والتعديل ": ٨٩.
(٣) " التنكيل " ١/ ٦٧.
(٤) أكثر ابن حبان من ذلك - أعني ذكر الرجل في " الثقات " وإعادة ذكره في " المجروحين ": جداً، حتى جمع بعض الباحثين المعاصرين في ذلك كتاباً، وقد عيب على ابن حبان هذا الصنيع، قال الحافظ ابن عبد الهادي في " الصارم المنكي ": ٩٤ - ٩٥ «هكذا ذكر ابن حبان حفص بن سليمان في كتاب " الضعفاء " وقال إنه هو الذي يقال له: حفص بن أبي داود، وهذا الذي قاله صحيح لاشك فيه … فإن صح عنه - مع هذا - أنه ذكر حفص بن أبي داود في كتاب "الثقات " فقد تناقض تناقضاً بيناً وأخطأ خطأ ظاهراً ووهم وهماً فاحشاً، وقد وقع له مثل هذا التناقض والوهم في مواضع كثيرة، وقد ذكر الشيخ أبو عمرو بن الصلاح أنه غلط الغلط الفاحش في تصرفه، ولو أخذنا في ذكر ما أخطأ فيه وتناقض من ذكره الرجل الواحد في طبقتين متوهماً كونه رجلين، وجمعه بين ذكر الرجل في الكتابين كتاب " الثقات " وكتاب " المجروحين " ونحو ذلك من الوهم والإيهام لطال الخطاب».

<<  <  ج: ص:  >  >>