للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الإسناد، وهذا لا يلزم الحكم على ذلك الحديث بالضعف؛ لأنَّ الغريب ينطوي على الصحيح وغيره، قال الذهبي: "والغريب صادق على ما صحّ وعلى ما لم يصحّ، والتفرد يكون لما انفرد به الراوي إسنادًا أو متنًا، ويكون لما تفرد به عن شيخ معين .. " (١).

وبعد هذا الذي قدمناه فقد يقول متعجل: إنا نجد بعض الحفاظ نص على تفرد فلان بحديث ما، ثم نجد متابعات لذلك الراوي المتفرد.

هذا القول أجاب عنه محمد خلف سلامة قائلًا: "وهاهنا احتمالات:

أولها - وهو أظهرها -: أنَّهم وقفوا على تلك المتابعات، ولكنَّهم تركوها، ولم يلتفتوا إليها؛ لسقوطها وشدة وهائها فعدّوها في حكم العدم .. وثانيها: أنَّها فاتتهم إما بتعمد منهم أو بدونه، فليست عندهم فهم لم يكتبوها أو لم يسمعوها أصلًا بسبب كونها من رواية المتروكين عندهم، من معاصريهم أو من طبقة شيوخهم، والأئمة يكتبون أحيانًا عن بعض المتروكين لحاجات النقد، ويتركون الكتابة عن كثير منهم، وهم الذين لا ينتفع برواياتهم في الدراسات النقدية. وثالثها: أنها وُجدت أو افتريت بعد عصرهم إما بسرقة أو تركيب متعمد، أو تلقين أو إدخال، أو تزوير، أو وجدت بعد عصرهم كذلك، ولكن من غير تعمد، بل بسبب خطأ من رواية مخطئ، ولهذا فإنَّ من أراد أنْ يستدرك عليهم مثل هذا المتابعات ينبغي أنْ لا يكون استدراكه مشعرًا بوصفهم بالتقصير في التفتيش أو القصور في الحفظ، فإنَّهم فوق ذلك، وإنْ لم يكونوا معصومين من الخطأ ولا محيطين بكل العلم، فليعلم ذلك، وأيضًا ينبغي أن يجعل تنصيصهم على ذلك التفرد احتمالًا قويًا في سقوط تلك الرواية المستدركة، أو تعليلها بما يمنعها من صلاحيتها للاستشهاد بها، وحينئذ لا بد من دراسة كل الاحتمالات والقرائن في كل حديث" (٢).


(١) " الموقظة ": ٤٣.
(٢) " لسان المحدّثين " (التفرد).

<<  <  ج: ص:  >  >>