للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا تدخل العلة في الحديث النبوي بسبب اختلاط بعض الرواة، لكن العلماء عالجوا هذه القضية بوساطة الرواة عن المختلطين، و قسموهم إلى أربعة أقسام:

١ - الذين رووا عن المختلط قبل اختلاطه.

٢ - الذين رووا عنه بعد اختلاطه.

٣ - الذين رووا عنه قبل الاختلاط و بعده ولم يميزوا هذا من هذا.

٤ - الذين رووا عنه قبل اختلاطه وبعده وميزوا هذا من هذا.

فمن روى عن المختلط قبل الاختلاط، قبلت روايته عنه، ومن روى عنه قبل الاختلاط وبعده وميز ما سمع قبل الاختلاط قُبِلَ، ولم يقبل ما سمع بعد الاختلاط، ومن لم يميز حديثه أو سمع بعد الاختلاط لم تقبل روايته (١).

ولعل الحافظ العراقي كَانَ أشمل في بيان الحكم من غيره، إِذْ قَالَ: «ثُمَّ الحكم فيمن اختلط أنَّه لا يقبل من حديثه ما حدّث بِهِ في حال الاختلاط، وكذا ما أبهم أمره وأشكل، فَلَمْ ندرِ أحدّث بِهِ قَبْلَ الاختلاط أو بعده؟ وما حدّث بِهِ قَبْلَ الاختلاط قُبِلَ، وإنما يتميز ذَلِكَ باعتبار الرُّوَاة عَنْهُمْ، فمنهم من سَمِعَ مِنْهُمْ قَبْلَ الاختلاط فَقَطْ، ومنهم من سَمِعَ بعده فَقَطْ، ومنهم من سَمِعَ في الحالين، وَلَمْ يتميز» (٢).

ونقد الذهبي على ابن القطان قوله في هشام بن عروة وانتقده عليه حين رماه بالاختلاط قال: «هشام بن عروة، أحد الأعلام، حجة إمام، لكنْ في الكبر تناقص حفظه، ولم يختلط أبداً، ولا عبرة بما قاله أبو الحسن بن القطان من أنَّه وسُهيل بن أبي صالح اختلطا وتغيّرا. نعم، الرجل تغير قليلاً، ولم يبق حفظه كهو في حال الشبيبة، فنسي بعض محفوظه أو وهم، فكان ماذا! أهو معصوم من النسيان! ولما قدم العراق في آخر عمره حدث بجملة كثيرة من العلم، في غضون ذلك يسير أحاديث لم يجوّدها، ومثل هذا يقع لمالك


(١) انظر: " العواصم والقواصم " لابن الوزير ٣/ ١٠١ - ١٠٢.
(٢) " شرح التبصرة والتذكرة " ٢/ ٣٢٩ بتحقيقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>