للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحابية، وابن شداد سمع جماعة من قدماء الصحابة كعمر وعلي ومعاذ وقولهم: إنَّ فلاناً قال كذا كالعنعنة عند جماهير أهل الحديث فالحديث إذن مرفوع».

بدايةً أقول: ما أكثر ما اعترض ابن التركماني على جهبذ من جهابذة الحديث كالبيهقي، وأغلب اعتراضاته إنَّما هي اجتهاد برأيه فقلما يستشهد بكلام أحد من المتقدمين. واعتراضه هنا من هذا القبيل.

فقوله: «وابن شداد سمع جماعة من قدماء الصحابة كعمر وعلي

ومعاذ ».

فإذا سمع تابعيٌّ من قدماء الصحابة فهل هذا يعني أنَّه سمع من الصحابة كلهم؟ وهل يعني هذا أنَّه سمع من هذه المرأة على وجه الخصوص؟ فكم من تابعيٍّ سمع من قدماء الصحابة، ولم يسمع من كثير منهم. وعلى فرض أنَّه سمع كبار الصحابة، فالمسألة ليست في حيز السماع والانقطاع، فإنَّ سياق عبد الله ابن شداد لهذا الحديث جلي الإرسال، إلا إذا زعم ابن التركماني أنَّ ابن شداد من الصحابة.

وانظر: " مجمع الزوائد " ٥/ ١٠٤، و" إتحاف المهرة " ٨/ ٣٩٦ (٩٦٢٨).

وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه.

فأخرجه: البخاري في " الأدب المفرد " (٩١٨)، وأبو داود (٣٩٢٤)، وابن قتيبة في " تأويل مختلف الحديث ": ٩٩، والبيهقي ٨/ ١٤٠، وابن

عبد البر في " التمهيد " ٩/ ١٨٦ - ١٨٧، والضياء المقدسي في " المختارة " ٤/ ٣٦٤ (١٥٢٩) من طريق عكرمة بن عمار، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك، قال: قال رجل: يا رسول الله، إنَّا كُنَّا في دار كثر فيها عددنا وكثر فيها أموالنا، فتحولنا إلى دار أخرى، فقلَّ فيها عددنا، وقلّتْ فيها أموالنا، قال رسول الله : «ردُّوها، أو دعوها وهي ذميمةٌ» (١).

هذا الإسناد رجاله ثقات خلا عكرمة بن عمار، فهو صدوق يغلط (٢)،


(١) لفظ رواية البخاري.
(٢) " التقريب " (٤٦٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>