للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبه قَالَ الحنفية (١).

واستدلوا: بأنَّ الله افتتح سورة الطلاق بقوله - جل ذكره -: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ (٢)، فإنَّ الخطاب فِيْهَا شامل للمطلقة الرجعية والمبتوتة، فلما قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بآيات: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ﴾ (٣) كان أمراً شاملاً للجميع، فدخلت تحته البائنة والرجعية واستويتا في الحكم من حَيْثُ وجوب السكن (٤).

وأجابوا عن حَدِيْث فاطمة بأنَّه مخالف لنص القرآن الصريح، واستناداً إِلَى هَذِهِ المخالفة رد حديثَها سيدُنا عمر بن الخطاب ، فروى الطحاوي أنَّهُ قَالَ: «لسنا بتاركي كتاب ربنا وسنة نبينا بقول امرأة لا ندري لعلها كذبت (٥)» (٦).

القول الثاني: لَيْسَ للمطلقة المبتوتة الحائل نفقة أيّاً كَانَت ولا سكن.

روي ذَلِكَ عن: عَلِيٍّ، وابن عَبَّاسٍ، وجابر، وطاووس، وعمرو بن ميمون، والزهري، وعكرمة، وإسحاق، وأبي ثور، وداود (٧).

وَهُوَ رِوَايَة عن: الحسن البصري، وعطاء، والشعبي (٨).

وإليه ذهب أحمد في المَشْهُوْر من مذهبه (٩)، وبه قَالَت الظاهرية (١٠)، والإمامية (١١).


(١) انظر: " المبسوط " ١٩/ ٢، و " بدائع الصنائع " ٣/ ٢٠٩، و " فتح القدير " ٣/ ٣٣٩،
و" حاشية رد المحتار " ٣/ ٦٠٩.
(٢) الطلاق: ١
(٣) الطلاق: ٦.
(٤) انظر: " أحكام القرآن " للجصاص ٣/ ٤٥٩.
(٥) أي: لعلها أخطأتْ، وقد استعملت العربُ الكذب في موضع الخطأ.
انظر: " لسان العرب " مادة (كذب).
(٦) " شرح معاني الآثار " ٣/ ٦٧ وفي ط. العلمية عقب (٤٤٣٢).
(٧) انظر: " الحاوي الكبير " ١٤/ ٢٨٣، و " الشرح الكبير " ٩/ ٢٤٠.
(٨) انظر: " الاستذكار " ٥/ ١٧٢.
(٩) انظر: " المغني " ٩/ ١٧٩.
(١٠) انظر: " المحلى " ١٠/ ٢٩٢.
(١١) انظر: " تهذيب الأحكام " ٨/ ١٢٣، و " الاستبصار " ٣/ ٣٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>