للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلاثتهم: (عبد الله بن الحارث، والثوري، ومن سمع ابن نافع) عن مالك (١)، عن يزيد بن قسيط، به.

قال عبد الرزاق: «قلت لمالك: إنَّ الثوري أخبرنا عنك، عن يزيد بن قسيط، عن ابن المسيب: أنَّ عمر وعثمان قضيا في الملطاة بنصف الموضحة، فقال لي قد حدثته به، فقلت: فحدثني به، فأبى، وقال: العمل عندنا على غير ذلك، وليس الرجل عندنا هنالك، يعني: يزيد بن قسيط» (٢).

أقول: هذا الحديث موقوف، إسناده صحيح، إلا أنَّ عدول مالك عن التحديث به، يدل على أنَّ الشخص الذي أخذ عنه مالك فيه نظر.

إلا أنَّ ابن التركماني قال في " الجوهر النقي " ٨/ ٨٣: «إن عبد الرزاق قال لمالك: حدثني به، فأبى، وقال: العمل عندنا على غيره، ورجلُهُ عندنا ليس هناك يعني: ابن قسيط - قلت (٣) -: في كونه هو المراد نظر. وذكر الطحاوي في كتاب " الرد على الكرابيسي " أن المراد غيره فأخرج في الكتاب المذكور عن النسائي قال: قرئ على الحارث بن مسكين وأنا أسمع (٤)، عن

عبد الرحمان بن القاسم، عن عبد الرحمان بن أشرس، عن مالك، عن رجل، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط فذكره. ثم قال الطحاوي ما ملخصه: فعقلنا بذلك أنّّ مالكاً لم يسمع من ابن قسيط وأنَّ مُبلِّغه عنه الذي لم يسمه ليس

هناك - أي: ليس موضعاً لقبول روايته، لا أنَّه أراد بقوله: ليس هناك، ابن قسيط. انتهى كلامه، وهذا أولى؛ لأنّ ابن قسيط من الثقات الذين أخرج لهم الشيخان وغيرهما» (٥).


(١) جاء في طريق عبد الله بن الحارث: «إن لم أكن سمعته من عبد الله». وهذا بلا شك شكٌّ من عبد الله في هذا الحديث في سماعه أمن عبد الله أم من مالك.
(٢) وهذا معروف عند المحدّثين بمخالفة الراوي لما روى وانظر للفائدة: " قواعد في العلل وقرائن الترجيح ": ٩٥.
(٣) أي: ابن التركماني.
(٤) هذا من دقة الإمام النسائي فإنَّ الحارث بن مسكين لم يأذن للنسائي بالسماع؛ فكان النسائي يجلس خلف المجلس ويسمع فكان من تمام تدينه أنَّه ذكر هذه العبارة.
(٥) وتعقب ابن التركماني ليس في محله؛ إذ إنَّه لم يحل إلى مليٍّ فجاء تعقبه ككثير من التعقيبات الباردة التي ليس فيها إلا تسويد الورق وإشغال الناس بالبحث والرد عليه، غفر الله لنا وله فالسند الذي اعتمد عليه فيما احتج به سند غير قويٍّ، ولا يقاوم تلك الأسانيد التي خالفت ما ذهب
إليه؛ فعبد الرحمان بن أشرس لا يقف أمام ثلاثة أحدهم سفيان الثوري وهو من هو في الحفظ والاتقان فكانت مخالفته منكرة، وسوف تأتي ترجمة عبد الرحمان في مناقشة ابن عبد البر.
ومما يجعلنا نجزم بخطأ عبد الرحمان بن أشرس ووهمه فيما ذكر أنَّ قول مالك جاء واضحاً في كتاب … " أسماء شيوخ مالك بن أنس ": ٣٨٨ لابن خلفون، وفيه: « … ، قال: العمل عندنا على غير هذا، والرجل ليس هناك عندنا يزيد بن قسيط» فبعد هذا العرض يتبين لكل باحث منصف الحق، والله الموفق.

<<  <  ج: ص:  >  >>