للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلمة (١)، وأنس بن مالك (٢)، وعبد الله بن عمر (٣)، ومعاذ بن جبل (٤)، وعبد الله بن زيد (٥)، وغيرهم، حَتَّى عدّوه من المتواتر (٦).

واستدلوا أيضاً بأنَّ الخبر هو قول غيره، والقياس متعلق باستدلاله، وهو بفعله أوثق منه بفعل غيره، ولهذا قُدِّمَ اجتهاده على اجتهاد غيره، فكان الرجوع إلى فعله أولى.

ويجاب عن هذا القول أنَّه لا فرق بينهما؛ لأنَّه يرجع في عدالة الراوي ومعرفة صدقه إلى أفعاله التي قد شاهدها منه، كما يرجع إلى المعنى الذي ورد عن صاحب الشرع في الأصل، فنحكم به في الفرع، فطريق معرفة العدالة أظهر؛ لأنَّه رجوع إلى العيان والمشاهدة وطريق معرفة العلة هو الفكر والنظر، فكان الرجوع إلى الخبر أولى … واستدلوا أيضاً بأنَّ خبر الواحد يوجد فيه عدة وجوه توجب الرد منها: جواز غلط راويه وفسقه وكذبه، وأن يكون منسوخاً أو مجازاً، أو مجملاً، ولا يوجد في القياس ذلك، وإنَّما يوجد فيه جواز الغلط في علته، وذلك وجه واحد، فلم يقدم عليه ما يوجب رده لوجوه.

والجواب عن هذا الاستدلال أنَّ الخبر المستنبط منه القياس، جميع هذه الأحوال موجودة فيه، والوجه الذي يرد به القياس، فقد زاد عليه الخبر بوجه في الرد، فيجب أن يتأخر عنه (٧).

فالراجح من ناحية النظر والدليل: ما ذهب إِلَيْهِ جمهور الْعُلَمَاء، لذا قَالَ ابن جَمَاعَة: «والصحيح الَّذِي عَلَيْهِ أَئِمَّة الْحَدِيْث أو جمهورهم، أنَّ خبر الواحد العدل المتصل في جَمِيْع ذَلِكَ مقبول وراجح عَلَى القياس المعارض


(١) عِنْدَ الطبراني في " الكبير " ٢٣ / (٦٢٨) و (٦٢٩) و (٦٣٠).
(٢) عِنْدَ البزار كَمَا في " كشف الأستار " (٢٨٩).
(٣) عِنْدَ البزار كَمَا في " كشف الأستار " (٢٩٠)، والطبراني في " الكبير " (١٣١١٧).
(٤) عِنْدَ البزار كما في " كشف الأستار " (٢٩١).
(٥) عِنْدَ الطبراني في " الأوسط " (٣٦٤) ط. الحديث و (٣٦٢) ط. العلمية.
(٦) انظر: " نظم المتناثر ": ٧٩ (٣٥).
(٧) انظر: " التمهيد في أصول الفقه " ٣/ ٩٧ - ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>