للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ، وبه قَالَ الشَّافِعِيُّ وأحمد بن حنبل وغيرهما من أَئِمَّة الْحَدِيْث والفقه والأصول » (١)، وقال الشيرازي: «فأما إذا ورد مخالفاً للقياس، أو انفرد الواحد برواية ما يعم به البلوى لم يرد» (٢).

وإليك مثالاً.

الانتفاع بالعين المرهونة

اختلفوا في تعيين وجوب رد الصاع، أو ما ينوب عَنْهُ (٣).

واستدل القائلون بالجواز بحديث أبي هُرَيْرَةَ أنَّ النَّبِيَّ قَالَ: «لا تُصَرُّوا الإبِلَ والغَنَمَ، فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدُ، فإنَّهُ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أنْ يَحْتَلِبَهَا: إِنْ شاءَ أَمْسَكَ، وإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعاً منْ تَمْرٍ» (٤).

وأجاب من قَالَ بعدم الجواز: بأنَّ هَذَا الْحَدِيْث مخالف للقياس من وجوه:

١. إن رد المبيع بلا عيب ولا خلاف في صفة، لا تقره أصول الشريعة؛ وذلك لأنَّ التصرية ليست من العيوب، فإنَّ البيع يقتضي سلامة المبيع، وقلة اللبن لاتعدُّ من العيوب الَّتِي تعدم السلامة؛ لأنَّ اللبن ثمرة وبعدمه لا تنعدم صفة السلامة، وقلته من باب أولى.

٢. القاعدة: أنَّ الخراج بالضمان، فاللبن الحادث عِنْدَ الْمُشْتَرِي غَيْر مضمون، وَقَدْ نُصَّ عَلَى ضمانه.

٣. إنَّ الشيء المضمون أي: (اللبن) مثلي، والقاعدة: أنَّ المثليات تضمن بمثلها، وَقَدْ ضمنه بغير المثل.

٤. في الضمان إذا انتقل من المثل، فإنَّه ينتقل إِلَى القيمة، والتمر المذكور في الْحَدِيْث لَيْسَ قيمة ولا مثْلاً.


(١) " المنهل الروي ": ٣٢، وانظر: " أسباب اختلاف الفقهاء ": ٢٩٢.
(٢) " اللمع ": ١٧٣. وللفخر الرازي تفصيل في ذلك انظره في " المحصول " ٤/ ٤٣١ - ٤٣٦.
(٣) انظر: "التمهيد" ٦/ ٤٥٥، و"المغني" ٤/ ٢٥٣، و"فتح الباري" ٤/ ٤٥٩ عقب (٢١٥٠).
(٤) أخرجه: البُخَارِيّ ٣/ ٩٢ (٢١٤٨) و (٢١٥٠)، ومسلم ٥/ ٤ (١٥١٥) (١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>