للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥. إنَّ المال المضمون يقدر بقدره قلة وكثرة، والقدر منصوص عَلَيْهِ هنا وَهُوَ الصاع (١).

وأجيب عن الأول بأنَّه لَيْسَ في أصول الشريعة ما يدل عَلَى انحصار أسباب الرد بهذين الأمرين، بَلْ إنَّ الخيار يثبت للمشتري بالتدليس؛ لأنَّ الْمُشْتَرِي رأى الضرع مملوءاً باللبن، فظن أنَّ ذَلِكَ عادتها، فكأنَّ البائع قَدْ شرط لَهُ ذَلِكَ، فإذا تبين لَهُ خلاف ذَلِكَ ثبت لَهُ الرد، لفقد الشرط المعنوي الَّذِي نوهنا به.

وعن الثاني: فإنَّ الخراج اسم للغلة، مِثْل: كسب العبد وأجرة الدابة ونحوهما. أما الولد واللبن فَلَا يسمى خراجاً، والعامل المشترك بَيْنَهُمَا كونهما من الفوائد، وإلا فإنَّ الكسب الحادث والغلة لَمْ يكونا موجودين حال البيع، بَلْ حدثا بَعْدَ القبض. وأما اللبن هنا فإنَّه كَانَ موجوداً حال العقد، فكان جزءاً من المعقود عَلَيْهِ، والصاع لَمْ يقدره الشارع عوضاً عن اللبن الحادث، وإنَّما هُوَ عوض عن اللبن الَّذِي كَانَ موجوداً وقت العقد في الضرع، فكان ضمانه من تمام العدل.

وعن الثالث: فإنَّه لا يمكن تضمينه بالمثل البتة، فإنَّ اللبن في الضرع محفوظ وغير عرضة للفساد، فإذا حلب صار معرضاً للحموضة والفساد.

وعن الرابع: بأنا لَوْ وكلنا تقديره إليهما أو إِلَى أحدهما لكثر النزاع، فحسم الشارع النزاع وحده بقدر لا يتعد أنَّهُ قطعٌ للخصومة.

وعن الخامس: فإنَّ اللبن الحادث بَعْدَ العقد قَدْ اختلط بالموجود وقته، ولا يعرف مقداره حَتَّى نوجب نظيره، وَقَدْ يَكُوْن أكثر أو أقل، فيفضي إِلَى الربا (٢).


(١) انظر: " المبسوط " ١٣/ ١٣٩، و " إعلام الموقعين " ٢/ ٥٠، و "فتح الباري " ٤/ ٤٦٢ عقب (٢١٥٠).
(٢) انظر: " إعلام الموقعين " ٢/ ٥١ - ٥٢ و ٣١١، و " فتح الباري " ٤/ ٤٦٢ - ٤٦٥ عقب (٢١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>