للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدِيْث بسرة بنت صفوان أنَّ النَّبِيَّ قَالَ: «مَنْ مَسَّ (١) ذَكَرَهُ

فَلْيَتَوَضَّأْ» (٢).

وَقَدْ رد الحنفية الاستدلال بهذا الْحَدِيْث من وَجْهَيْنِ:

الأول: الطعن في الْحَدِيْث من ناحية الثبوت (٣).

الثاني: الاعتراض عَلَيْهِ من حَيْثُ إنَّ بسرة تفردت بنقله، والفرض أنْ ينقله عدد كبير؛ لتوافر الدواعي عَلَى نقله (٤)، قَالَ السرخسي (٥):

«ما بال رَسُوْل الله لَمْ يقل هَذَا بَيْنَ يدي كبار الصَّحَابَة، حَتَّى لَمْ ينقله أحد مِنْهُمْ، وإنَّما قَالَهُ بَيْنَ يدي بسرة؟ وَقَدْ كَانَ رَسُوْل الله أشد حياءً من العذراء في خدرها» (٦).

ويتفرع عن إيرادهم هَذَا الاعتراض مَا يأتي:

١. ورد في بَعْض الروايات أنَّ مروان بعث شرطياً إلى بسرة، فنقل الْحَدِيْث عَنْهَا وسمعه مِنْهُ عروة، وهذا الشرطي مجهول. فتبين أن سَمَاع عروة عن طريق مجهول، فَلَا تقوم الحجة بإخباره.


(١) قال ابن عبد البر في " التمهيد " ١/ ٢٥٤: «الشرط في مس الذكر: أن لا يكون دونه حائل ولا حجاب، وأن يمس بقصد وإرادة؛ لأن العرب لا تسمي الفاعل فاعلاً إلا بقصد منه إلى الفعل، وهذه الحقيقة في ذلك، والمعلوم في القصد إلى المس: أن يكون في الأغلب بباطن الكف .. ».
(٢) أخرجه: مالك في " الموطأ " (١٠٠) برِوَايَة الليثي و (١١١) برواية أبي مصعب الزهري، والشافعي في مسنده (٥٧) بتحقيقي، والطيالسي (١٦٥٧)، وعبد الرزاق (٤١١)
و (٤١٢)، والحميدي (٣٥٢)، وابن أبي شيبة (١٧٣٦)، وأحمد ٦/ ٤٠٦، والدارمي (٧٢٥)، وأبو داود (١٨١)، وابن ماجه (٤٧٩)، والترمذي (٨٢)، والنسائي ١/ ١٠٠ - ١٠١ وفي " الكبرى "، له (١٥٩) كلتا الطبعتين، وابن الجارود (١٦)، وابن خزيمة (٣٣) بتحقيقي، وابن حبان (١١١٢)، والطبراني في " الكبير " ٢٤/ (٤٨٧)، وابن حزم في " المحلى " ١/ ٢٢٩، والبيهقي ١/ ١٢٨ و ١٢٩، والبغوي (١٦٥)، والحازمي في "الاعتبار ": ٧٠ ط. الوعي و (٢٢) ط. ابن حزم.
(٣) انظر: " الحجة " ١/ ٦٤ - ٦٥.
(٤) انظر: " أصول السرخسي " ١/ ٣٥٦، و" عارضة الأحوذي " ١/ ٩٨.
(٥) هُوَ أَبُو بكر مُحَمَّد بن أحمد بن سهل شمس الأئمة، من مؤلفاته " المبسوط " و" النكت "،
و" الأصول "، توفي سنة (٤٨٣ هـ). انظر: " الأعلام " ٥/ ٣١٥.
(٦) "المبسوط " ١/ ٦٦، و " عارضة الأحوذي " ١/ ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>