للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغُسْلُ». فَقَالَ عُمَرُ عِنْدَ ذَلك: لا أسْمَعُ أَحَداً يَقولُ: الماءُ من الماءِ، إلاّ جَعَلْتُهُ نكالاً.

وهذا الأمر مما تعم به البلوى أيضاً. وغيرها من الحوادث والآثار التي تعزز في نفس الناظر قبول خبر الآحاد فيما تعم به البلوى أو في غيرها.

أما الحادثتان اللتان استدلوا بهما، فيمكن الإجابة عنهما:

أنَّ أبا بكر إنَّما توقف في خبر المغيرة؛ لأنَّ ما أخبر عنه أمر مشهور، فأراد التثبت فيه (١).

وأما عمر فلأنَّ أبا موسى أخبره الحديث عقب إنكاره عليه، فأراد عمر الاستثبات في خبره لهذه القرينة (٢).

فالراجح ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من أنَّ خبر الآحاد يعمل به وإن كان مما تعم به البلوى إذا استوفى شروط القبول للاحتجاج به من حيث ثبوته عن رسول الله ، ذلك أنَّ الأدلة الشرعية الدالة عَلَى وجوب العمل بخبر الآحاد لم تفرق بين عموم البلوى وغيرها.

مثال على ذلك:

اختلف أهل العلم في من مَسَّ ذكره، هل ينتقض وضوءه؟ على قولين:

الأول: ينتقض وضوءه، وبه قال الشافعية (٣)، والظاهرية (٤)، وجمهور المالكية (٥)، ورواية عن الإمام أحمد (٦) على تفصيل بينهم.

الثاني: لا ينتقض وضوءه، وهو مذهب الحنفية (٧)، ورواية عن الإمام أحمد (٨).

استدل من قَالَ بنقض الوضوء: مِن مس الذكر بجملة أدلة، من بينها


(١) انظر: " نكت ابن حجر " ١/ ٢٤٥ و: ٧٢ بتحقيقي.
(٢) انظر: " نكت ابن حجر " ١/ ٢٤٦ و: ٧٢ بتحقيقي.
(٣) انظر " المهذب " ١/ ٢٤.
(٤) انظر: " المحلى " ١/ ٢٣٥.
(٥) انظر: " الاستذكار " ١/ ٢٩٢.
(٦) انظر: " شرح الزركشي على مختصر الخرقي " ١/ ٢٤٤، و" المغني " ١/ ١٣١.
(٧) انظر: " المبسوط " ١/ ٦٦.
(٨) انظر: " المغني " ١/ ١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>