للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعبد الحميد بن جعفر، وأيوب بن مُحَمَّد، كلاهما متكلم فِيْهِ (١).

وإذا ضممنا هَذِهِ الطرق إِلَى بعضها، ارتقى الْحَدِيْث إِلَى حيّز الاحتجاج، عَلَى أنَّ الطريق الأولى عِنْدَ انفرادها حجة قائمة.

قَالَ ابن أبي حاتم: «سألت أبي وأبا زرعة عن حَدِيْث رَوَاهُ مُحَمَّد بن جابر، عن قيس بن طلق، عن أبيه، أنَّهُ سأل رَسُوْل الله ? هَلْ في مَسِّ الذَّكَر وُضُوءٌ، قَالَ: «لا». فَلَمْ يثبتاه، وقالا: قيس بن طلق لَيْسَ مِمَّنْ تقوم بِهِ الحجة ووهناه» (٢).

وهذا اجتهاد منهما - رحمهما الله - وقد تقدمت الإشارة إلى كلام الأئمة في توثيقه.

غير أنَّ الحَافِظ عَبْد الحق الإشبيلي (٣) أورد هَذَا الْحَدِيْث في " أحكامه الوسطى " (٤) ساكتاً عَنْهُ وَهُوَ يقتضي صحته عنده (٥). فتعقبه الحَافِظ ابن القطان قائلاً: «والحديث مختلف فِيْهِ، فينبغي أن يقال فِيْهِ: حسن» (٦).

وأخرج الحازمي من طريق إسماعيل بن سعيد الكسائي الفقية قوله: «المذهب في ذلك عند من يرى الوضوء من ذلك يقولون: قد ثبت عن رسول الله الوضوء من مس الذكر من وجوه شتى ولا يرد ذلك بحديث ملازم بن عمر وأيوب بن عتبة، ولو كانت روايتهما مثبتة لكان في ذلك مقال لكثرة من روى بخلاف روايتهما، ومع ذلك الاحتياط في ذلك أبلغ.

ويروى عن النبيِّ بإسناد صحيح: أنَّه نهى أنْ يمسَّ الرجلُ ذكره


(١) انظر: " نصب الراية " ١/ ٦١.
(٢) " علل الْحَدِيْث " (١١١).
(٣) هُوَ الإمام البارع أبو مُحَمَّد عَبْد الحق بن عَبْد الرَّحْمَان بن عَبْد الله الأزدي الأندلسي الإشبيلي المعروف بـ (ابن الخراط)، صاحب التصانيف مِنْهَا " الأحكام الوسطى " و "المعتل من الْحَدِيْث "، ولد سنة (٥١٤ هـ)، وتوفي سنة (٥٨١ هـ)، وَقِيْلَ: (٥٨٢ هـ).
انظر: " تهذيب الأسماء واللغات " ١/ ٢٩٢ - ٢٩٣، و" سير أعلام النبلاء " ٢١/ ١٩٨ - ١٩٩، و " مرآة الجنان " ٣/ ٣١٩ - ٣٢٠.
(٤) انظر: ١/ ١٣٩.
(٥) انظر: " نصب الراية " ١/ ٦٢.
(٦) " بَيَان الوهم والإيهام " ٤/ ١٤٤ (١٥٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>