للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومستند هؤلاء أنَّ طلق بن علي متقدم الإسلام، بينما بسرة ومن روى حديث النقض متأخري الإسلام.

إلا أنَّ الذي ذهبوا إليه عند الآخرين فيه نظر لسببيين: الأول: تقرر عند أهل العلم أنَّه لا يعدل إلى النسخ إلا إذا تعذر الجمع بين الدليلن؛ لأنَّ النسخ يعني إبطال إحداهما؛ ولأنَّ الجمع بينهما أولى للعمل بها، أو بالأخص إذا كان ذلك ممكناً.

الثاني: أنَّ مجرد تقدم إسلام الراوي لا يدل على النسخ؛ لاحتمال أنْ يكون الراوي المتأخر قد رواه عن غيره من الصحابة.

القول الثاني: التفريق بين أن يكون اللمس بشهوة أو غير ذلك، فقالوا: يحمل حديث بسرة على أنَّه بشهوة، وحديث طلق على أنَّه بغير شهوة، نقل ذلك ابن عبد البر عن إسماعيل بن إسحاق وبعض أصحابه البغدايين من المالكية كابن بكير، وابن المنتاب، وأبي الفرج، والأبهري فإنَّهم اعتبروا في مسه وجود اللذة (١).

القول الثالث: الفرق بين أنْ يكون وقع عن قصد أو بغير قصد، ويروى ذلك عن جابر بن زيد أنَّه قال بالنقض إنْ وقع اللمس عمداً لا أن يقع سهواً (٢)، وهو ضعيف لعدم ورود التفصيل في ذلك.

القول الرابع: استحباب الوضوء مطلقاً، نقل عن الإمام أحمد في إحدى الروايات، نقله علي بن سعيد النسوي إذ قال: «سألت أحمد بن حنبل عن الوضوء من مس الذكر، فقال: أستحبه ولا أوجبه» (٣)، ونقل ذلك عن الإمام مالك أيضاً نقله ابن وهب عن مالك، قال: «أرى الوضوء من مس الذكر استحباباً ولا أُوجبه» (٤)

القول الخامس: يحمل الحديثان على النقض إذا كان بغير حائل، وعدم


(١) انظر: " الاستذكار " ١/ ٢٩٢ - ٢٩٣.
(٢) انظر: " نيل الأوطار " ١/ ٢٥٠.
(٣) " صحيح ابن خزيمة " عقب (٣٣) بتحقيقي.
(٤) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>