للإبراء، ومستودع للثروة يمكن اختزانه عند الحاجة، وثقة الناس الكبيرة في التعامل بها، لقانونيتها وحماية الدولة لها، فليست الصفة النقدية مختصة بالذهب والفضة، بل هي ثابتة لكل ما يتخذه الناس نقودًا ويؤدي وظائف النقود، ومن ذلك تلك الأوراق (١).
وهذا القول هو الراجح لوجاهة دليله، مع كونه سالمًا من المناقشة واللوازم، وبذلك صدر قرار المجمع الفقهي الإسلامي بمكة، ونَصُّه كالآتي:
أولًا: إنه بناء على أنّ الأصل في النقد هو الذهب والفضة، وبناء على أنّ علة جريان الربا فيهما هي مطلق الثمنية في أصح الأقوال عند فقهاء الشريعة، وبما أنّ الثمنية لا تقتصر عند الفقهاء على الذهب والفضة، وإن كان معدنهما هو الأصل، وبما أن العملة الورقية قد أصبحت ثمنًا، وقامت مقام الذهب والفضة في التعامل بها، وبها تقوّم الأشياء في العصر، لاختفاء التعامل بالذهب والفضة، وتطمئن النفوس بتمويلها وادخارها، ويحصل الوفاء والإبراء العام بها، رغم أن قيمتها ليست في ذاتها، وإنما في أمرٍ خارج عنها، وهو حصول الثقة بها، كوسيط في التداول والتبادل، وذلك هو سر مناطها بالثمنية.
وحيث إن التحقيق في علة جريان الربا في الذهب والفضة هو مطلق الثمنية، وهي متحققة في العملة الورقية، لذلك كله فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي يقرر أنّ العملة الورقية نقد قائم بذاته له حكم النقدين من الذهب والفضة، فتجب الزكاة فيها ويجري عليها الربا بنوعيه، فضلًا ونسيئة، كما يجري ذلك في النقدين من الذهب والفضة تمامًا باعتبار الثمنية في العملة الورقية قياسًا عليهما، وبذلك تأخذ العملة الورقية أحكام النقود في كل الالتزامات التي تفرضها الشريعة فيها.