للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الأول: إعطاء الفقير والمسكين من الزكاة أقل من النصاب - مائتي درهم - فإن أعطي قدره أو أكثر جاز مع الكراهة. وهو المذهب عند الحنفية (١)


= ١ - قوله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (٧٩)} [الكهف: ٧٩]. فوصفهم بالمساكين مع ملكهم السفينة.
٢ - ولأن الله قدم الفقراء على المساكين في آية الصدقات في سورة التوبة مما يدل على أنهم أحوج.
٣ - وبدعائه - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا. . . " رواه الترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء أن فقراء المهاجرين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم برقم: (٢٣٥٢)، وابن ماجه، كتاب الزهد، باب مجالسة الفقراء، برقم: (٤١٢٦) وقال الترمذي: "هذا حديث غريب". وقد حكم بعض العلماء عليه بالوضع، لكن العجلوني ساق طرقا ولم يوافقهم على وصفهم بالوضع، وقال: "ومع وجود هذه الطرق لا يحسن الحكم عليه بالوضع. . . . وقال ابن حجر في التحفة: إن الحديث ضعيف، ومعارض بما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - استعاذ من السكنة". كشف الخفاء (١/ ٢٠٦) برقم: (٥٣٨). مع استعاذته من الفقر، ولا يجوز أن يسأل ربه شدة الحاجة ثم يستعيذ من حال أصلح منها.
وهذا القول أرجح، وقد أجاب ابن قدامة عن دليلهم في المغني ٤/ ٣٠٦ بقوله: "أما الآية فهي حجة لنا، فإنَّ نَعْتَ الله تعالى للمسكين بكونه {ذَا مَتْرَبَةٍ (١٦)} [البلد: ١٦]، يدل على أن هذا النعت لا يستحقه بإطلاق اسم المسكنة، كما يقال: ثوب ذو عَلَم. ويجوز التعبير بالمسكين عن الفقير، بقرينة وبغير قرينة. . " انظر للاستزادة المراجع السابقة، وفقه الزكاة ٢/ ٥٨٦، وبحث الدكتور المرسي السماحي، وبحث الدكتور خالد الشعيب، كلاهما في مصرف الفقراء والمساكين ضمن أبحاث الندوة الثامنة لقضايا الزكاة المعاصرة (ص ١٩١، ٢٥٣)، ولم أتوسع أكثر من ذلك؛ لأن كلا المصنفين مستحق للزكاة.
(١) قال الكاساني: "ويُكره لمن عليه الزكاة أن يعطي فقيرا مائتي درهم أو أكثر، ولو أعطى جاز وسقط عنه الزكاة في قول أصحابنا الثلاثة، وعند زفر لا يجوز ولا يسقط. وجه قوله: أن هذا نصاب كامل، يكون جميعها كغيرها، فيصير غنيا بهذا المال، ولا يجوز الصرف إلى الغني، ولنا: أنه إنما يصير غنيا بعد ثبوت الملك له، فأما قبله فقد كان فقيرا، فالصدقة لاقت كف الفقير فجازت، وهذا لأن الغنى يثبت بالملك، والقبض شرط ثبوت الملك، فيقبض ثم يملك المقبوض، ثم يصير غنيا، ألا ترى أنه يكره؛ لأن المنتفع به يصير هو الغني. وذكر في الجامع الصغير: وإن يغني به إنسانا أحب إلي، ولم يُرِدْ به الإغناء المطلق؛=

<<  <   >  >>