للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أدلة القولين]

[أدلة القول الأول]

١ - ورود الأمر المطلق بإيتاء الزكاة في القرآن، مثل قوله تعالى: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣] (١)، والأمر المُطْلق يقتضي الفور؛ ولذلك يستحق المؤخر للامتثال العقابُ، ولذلك أخرج الله تعالى إبليس من الجنَّة، وسخط عليه ووبَّخه بامتناعه عن السجود، ولو أن رجلًا أَمَرَ عبْدَه أن يسقيَه، فأخَّر ذلك استحق العقوبة، ولأن جواز التأخير ينافي الوجوب؛ فالواجب ما يُعاقَب صاحبه على تركه، ولو جاز التأخير لجاز إلى غير غاية، فتنتفي العقوبة بالترك (٢).

٢ - عن عقبة بن الحارث (٣) قال: صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - العصر فأسرع، ثم دخل البيت، فلم يلبث أن خرج، فقلت، أو قيل له، قال: "كنت خلفت في البيت تبرًا من الصدقة، فكرهت أن أبيته فقسمته" (٤).

وجه الدلالة: أنه - صلى الله عليه وسلم - بادر بقسمة الصدقة وأظهر الكراهة من التأخر من ذلك،


(١) سورة البقرة (٤٣).
(٢) ينظر: المغني ٤/ ١٤٦.
(٣) عقبة بن الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف القرشي، هو الذي أخرج له البخاري وأصحاب السنن مات عقبة بن الحارث في خلافة ابن الزبير، هو الذي تزوج أم يحيى بنت أبي إهاب فجاءت امرأة سوداء فقالت: أرضعتكما، فجئت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأعرض عني، فذكرت ذلك له، فقال: "كيف وقد زعمت أنها أرضعتكما؟! " فنهاه عنها. ينظر: الاستيعاب (١/ ٣٣٠)، أسد الغابة (١/ ٧٧٤).
(٤) رواه البخاري، كتاب الزكاة، باب من أحب تعجيل الصدقة من يومها، برقم (١٤٣٠) وأطرافه (٨٥١، ١٢٢١، ٦٢٧٥)، التِّبْر: الذهب والفضة قبل أن يُضْرَبا دنانير ودراهم، وأكثر اختصاصه بالذهب، وتَبْييت المال: إِمْساكُه إلى اللَّيل. ينظر النهاية في غريب الحديث والأثر (١/ ١٧٠، ١٧٩).

<<  <   >  >>